24 ساعة – متابعة
قال الكاتب والصحفي المخضرم طلحة جبريل، الذي كان مديرا لمكتب جريدة الشرق الاوسط بالعاصمة الأمريكية لسنوات عديدة، أن ترشيح الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، للدبلوماسي المرموق وليام بيرنز ليشغل منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي أيه)،هو اول ترشييح لدبلوماسي لشغل هذا المنصب الرفيع والمؤثر. إذ إن “سي آي إيه”. هي أهم جهاز للمعلومات في أميركا، وبناء على معلوماتها يتخذ البيت الأبيض قراراته الاستراتيجية على صعيد العلاقات الخارجية.
قال طلحة أن تولي وليام بيرنز هذا المنصب سيكون أمراً إيجابياً للمغرب، مفسرا الأمر بأنه “عندما اقترح المغرب مشروع الحكم الذاتي لحل قضية الصحراء، كنت آنذاك في واشنطن وكان وليام بيرنز يشغل منصبا رفيعاً إلى جانب كوندليزا رايس وزيرة الخارجية في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش الأبن، أتذكر أنني التقيته في إطار لقاء صحافي وتطرق الحديث إلى مشروع الحكم الذاتي، وكان رأيه أنه مشروع “جدي وله مصداقية وقابل للتطبيق”،علمت من بعد أن وليام بيرنز أقنع “ستيفن هادلي” مستشار الأمن القومي للرئيس بوش بمصداقية المشروع”.
وشدد الصحفي المخضرم طلحة جبريل على أن “هناك مسألة أخرى أرويها عن وليام بيرنز. حضرت أكثر من لقاء شارك فيه بيرنز، ولاحظت قدرته اللافتة على تطبيق الاجتهاد الذي يعرف بأسم “دفن الحقائق في المعاني”.هذا الاجتهاد جربه الاميركيون أيام غزو العراق، وهو يقضي بالبحث عن مفردات تستعمل لتوصيف حالة معينة، بشرط ألا تقول شيئاً، وفي الوقت نفسه لا تكون أكاذيب أو معلومات زائفة”.
كما أشار إلى أن الأمر أثار اهتمامه مهنياً وأكاديمياً، قائلا ” أتيحت لي أثناء عملي في واشنطن فرصة لقاء مع أحد أساتذة هذا الاجتهاد لأسمع وأفهم. كان الرجل خبيراً إعلامياً يعمل مع قوات “المارينز” ما وراء البحار. كانت مهمته تعليم القادة العسكريين “دفن الحقائق في المعاني”.يقول الخبير” أحياناً تكون هناك عملية عسكرية جارية تهدف ملاحقة المسلحين ، لكن لا نرغب في كشف أي تفاصيل فإن “دفن الحقائق في المعاني” يكون مهماً لذلك ننصح القادة العسكريين الذين يتعاملون مع وسائل الإعلام اللجوء إلى هذا الأسلوب، كأن يقول المتحدث العسكري : نحن نحرص على سلامة قواتنا وسنزودكم بالتفاصيل بمجرد أن تتوفر لدينا معطيات”.أسلوب “دفن الحقائق في المعاني” يعرفه بعض الدبلوماسيين.ووجدت أن وليام بيرنز من الذين يتقنون هذا الاجتهاد”.
وأضاف طلحة جبريل من خلال تدوينة على صفحته على الفايسبوك “أتذكر أن الملك الحسن الثاني، رحمه الله، استقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون بيريز في إفران عام 1986، وأثار ذلك اللقاء ضجة كبيرة ، وكان أن عقد الملك الراحل ندوة صحافية ليتحدث عن دوافعه ونتائجه. كان جلالته بارعاً في التعامل مع الصحافيين، وكان الصحافيون متلهفون لمعرفة ما جرى في ذلك اللقاء. وبأسلوبه المعهود، حسم الأمر في بداية الندوة قائلاً ” قلت له ما يجب أن يسمعه، وسمعت منه ما كان يريد أن يقوله..وهذا يكفيكم”.
لم يدفن “الحقائق في المعاني” بل دفن ” المعاني في كلمتين: “قلت وسمعت”.