عبد الوهاب السحيمي
استمعت بامعان لمداخلة وزير التربية الوطنية على القناة الثانية حول التعليم عن بعد ومستقبل الدراسة والامتحانات في ظل وباء كورونا.
حقيقة تفاجأت بالايجابية المفرطة التي استهل بها الوزير كلامه تجاه نساء ورجال التعليم، ومن تم تساءلت: هل فعلا الوزير الذي يتحدث هو الذي اقتطع قبل اقل من 10 ايام مبالغ قياسية من أجور آلاف نساء ورجال التعليم؟ ثم تساءلت ثانية: هل فعلا هو نفس الوزير الذي لم يبد اي موقف تجاه قرار توقيف الترقيات التي راح ضحيته بالأساس موظفي التعليم؟
الملاحظ كذلك في مداخلة الوزير، أنه حصل تحول كبير في موقف الوزارة من عملية التعليم عن بعد. فبعد أن كانت الوزارة تعتبره خيارا استراتيجيا وكانت تعتبر ان هذا التعليم منصوص عليه في القانون الاطار والرؤية الاستراتيجية وبأن الوزارة ستذهب في هذه العملية الى أبعد نقطة. اليوم، الوزارة وبشكل صريح تعتبر أن التعليم عن بعد هو مجرد عمل للاستئناس فقط.
وما يؤكد أنها تعتبره فقط للاستئناس، هو اقرار الوزير بأن هذا النوع من التعليم يضرب مبدأ تكافؤ الفرص ويحرم ملايين الأطفال من حقهم في التعلم خاصة اطفال العالم القروي، وهو الشيء الذي كانت تنكره الوزارة الوصية قبلا وكانت تعلل ذلك بكون الفوارق موجودة حتى بالتعليم الحضوري.
الوزارة تقرر عدم اجراء الامتحانات والفروض عن بعد وتؤكد بأنه بعد زوال الجائحة ستخصص أسابيع للدعم قبل الفروض والامتحانات، وهذا كلام جديد، ولم يكن مع انطلاق التعليم عن بعد، حيث كانت الوزارة تعتبر بأن التعليم عن بعد خيار لا رجعة فيه ووصل بها الحد الى اللجوء لأساليب الوعيد و التهديد بالاقتطاع من أجور كل من تهاون في تقديم الدروس عن بعد، كما كانت تعتبر ان الدروس المقدمة عبر القنوات التلفزية و موقع “تلميذ تيس” كافية لتقديم تعليم في المستوى المطلوب.
أكيد هذا الكلام الجديد الصادر عن الوزير جاء بعد تقييم لمرحلة دامت حوالي 25 يوما، وتأكد للوزارة بأنه يستحيل الاستمرار في تغطية الشمس بالغربال، وبأنه فعلا هذا التعليم يخلق فوارق تعليمية فجة، وبأن ساكنة العالم القروي غير معنية به بتاتا، وبأن اجراء امتحانات في دروس قدمت عن بعد سيكون بمثابة جريمة ترتكب في حق ملايين المتعلمين المغاربة.
الوزير يقول بأن أطفال العالم القروي يتابعون الدراسة بفضل قنواتنا العمومية. أقول له السيد الوزير، لن أقول لك بأن أطفال العالم القروي لا يتوفرون على شاشات تلفاز رغم أنك اعترفت بأن 91 % من المنازل القروية هي التي تتوفر على تلفاز. أقول لك، كيف لطفل في العالم القروي يقطن ببيت به على الأقل 10 أفراد أن يتابع دروسه على شاشة التلفاز؟ كيف سيقدر على التركيز في هذه الأسرة التي معظم أفرادها أميون؟ وكيف يستطيع مجاراة الشرح ومعظم الحصص ضيقة التوقيت حيث لا تتجاوز مدة الحصة 6 دقائق؟ كيف سيفهم درس في 6 دقائق مع العلم أنه لا يتوفر على هاتف ذكي وانترنيت للعودة للحصة على موقع “تلميذ تيس”؟
الوزير أعطى معطيات مغلوطة حول عدد مستخدمي الاقسام الافتراضية وقال ان اكثر من 90 % من الاساتذة يستعملون هذه التقنية. أؤكد له وعلى مسؤوليتي ان عدد مستعملي الاقسام الافتراضية لا يتجاوزون 10 % وربما اقل بكثير. ومادام اعلن الوزير بان هذه التقنية اختيارية فذلك اقرار منه كذلك بأن العملية عرفت فشلا ذريعا.
حصل اليوم تحول كبير في موقف الوزارة تجاه عملية التعليم عن بعدي حيث تراجعت من اعتباره خيارا استراتيحيا ولا رجعة فيه، الى مجرد عملية للاستئناس ولا يمكن اجراء امتحانات بناء عليه، كما انه سيتم العودة للقيام بالدعم بعد زوال الجائحة، كما انها اعترفت بشكل صريح بأنه يضرب مبدأ تكافؤ الفرص، هذا كلام جديد، وهو يؤكد الانتقادات التي كنا نوجهها لهذا التعليم منذ انطلاقته.