نجيب الأضادي
بعد سلسلة من المعاكسات المعادية التي قادتها الحكومة الفيدرالية لألمانيا الإتحادية ضد المصالح العليا للمملكة المغربية كنت من بين المدونين الذين صبوا غضبهم على ألمانيا وعلى طريقة تعامل ألمانيا مع ملف الوحدة الترابية بل نصحت بإخراج ألمانيا من مفكرة الاسترلتيجية الدبلوماسية المغربية مؤقتا إلى حين معرفة أجندة الحكومة الاشتراكية الجديدة وحزب الخضر في ألمانيا .
لكن عل ما يبدو أن التحول الأخير في موقف ألمانيا من النزاع في الصحراء، وراءه مجهود تم في الخفاء. و قد تكون هناك أسباب أخرى لها علاقة برغبة الحكومة الألمانية الجديدة الخروج من الضبابية التي ميزت فترة حكم المستشارة ميركل و اقتناعها بانه عليها أن تصطف إلى جانب دول العالم في تبني الموقف الأممي من النزاع في الصحراء.
يضاف إلى ذلك أن ألمانيا انتبهت إلى أن المغرب أصبح دولة إفريقية قوية و صاعدة و ذات حضور وازن في الساحة الدولية، و قد تحتاج إلى خدماته مستقبلا داخل أروقة الأمم المتحدة أو الإتحاد الافريقي، أو حتى من خلال تقوية العلاقات الثنائية، الاقتصادية و التجارية و غيرها.
و من المؤكد أن ألمانيا لن تكون الأخيرة في هذا التحول في الموقف، فقد تلحق بها دول أخرى من الإتحاد الأوروبي لطالما كان موقفها متذبذبا وغير واضح.
فالمغرب، بحكم الواقع و الموقع، أصبح قوة اقتصادية و عسكرية في المنطقة، وهو مؤهل لأن يتحول الى منصة مستقبلية بحكم وضعه الجيو- استراتيجي كبوابة لافريقيا و لأوروبا ايضا، فضلا عما يختزنه من ثروات طاقية هامة . و لعل ما يقوي مزايا الوضع الجديد للمغرب، هو استقراره الأمني و السياسي رغم وجوده في منطقة ملتهبة و ذات مخاطر عالية.
الذي يقع الآن هو أن معظم الدول القوية المساندة سابقا للجزائر كانت تنتمي إلى المعسكر الشرقي، لكنها اليوم تتنافس بتحركاتها الحالية من أجل كسب المغرب كشريك، فليس من مصلحتها إضاعة الفرص الهائلة التي يتيحها الوضع الجديد ، كما ليس من مصلحتها معاكسة مجهودات الأمم المتحدة في سبيل انهاء نزاع الصحراء.
خلاصة القول:
الصحراء المغربية تستعد لأن تصبح قبلة عالمية جديدة في غضون السنوات العشر المقبلة عبر استقطاب استثمارات ضخمة تشارك فيها قوى عالمية من أمريكا والاتحاد الأوروبي مرورا بالهند و بعض دول جنوب شرق آسيا.
فإذن، في تقديري أن كل هذه الاغراءات الاقتصادية و الأمنية و غيرها من المؤشرات السياسية، ترجح امكانية دعم كل هذه الدول لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء و التفاوض على أساسه تحت مظلة الأمم المتحدة.