إدريس العولة -أمستردام
تعد “مافيا موكرو” من أخطر العصابات التي تنشط في مجال ترويج المخدرات بهولندا وباقي دول الإتحاد الأوروبي، حيث تمكن أفراد هذه العصابة من فرض هيمنتهم وسيطرتهم على السوق التجارية الخاصة بالمخدرات بكل أصنافها وأنواعها في العديد من الدول حتى من خارج الإتحاد الأوروبي.
ويمارس أعضاء ” مافيا موكرو” خلال الآونة الأخيرة، ضغطا رهيبا على السلطات الهولندية، من أجل إطلاق سراح زعيم المافيا المغربي “رضوان تاغي” المتواجد بأحد السجون الهولندية لتورطه في جرائم تتعلق بالقتل وترويج المخدرات وغيرها من التهم الأخرى.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أصبحت ” مافيا موكرو” تهدد بقتل رئيس الوزراء الهولندي “مارك روته” وولية العهد الأميرة ” كاترينا” وغيرهما من الشخصيات الأخرى، إن لم يتم الإستجابة لمطالب العصابة والعمل على إطلاق سراح الزعيم، تهديدات أخذتها السلطات الهولندية محمل جد، حيث لم تردد في وضع حماية أمنية خاصة للعديد من الشخصيات السياسية تحسبا لأي طارىء،
صحيح أن السياسيين بهولندا يتجنبون الحديث عن ظاهرة إنتشار وترويج المخدرات في بلادهم، بل يحاولون في كل لحظة وحين التقليل من خطورة الوضع إلا أن الواقع الملموس يشير إلى العكس.
فرئيس الوزراء الهولندي الذي كان لا يبالي وعادة ما كان ينتقل من مقر سكناه إلى عمله بواسطة الدراجة الهوائية، فقد قبل بدوره الحماية المباشرة من طرف الشرطة الهولندية، وخاصة لما رصدت الشرطة التي تراقب منزله عناصر من المفترض ارتباطهم بجماعة ” مافيا موكرو”.
ولم تقتصر التهديدات من قبل” مافيا موكرو” على رئيس الوزراء الهولندي، بل طالت أيضا أفرادا من العائلة الملكية، حيث تم تهديد الأميرة ” كاترينا” 18 عاما بالقتل، إذ سبق للقصر ، أن أعلن أنه أصبح من الصعب على الأميرة التوجه إلى الجامعة بسبب الخطر الذي أصبح يهدد حياتها.
تم اعتقال الزعيم الرئيسي ل”مافيا موكرو”رضوان تاغي مغربي الجنسية، البالغ من العمر 45 سنة، خلال شهر دجنبر من سنة 2021 في دبي حيث كان يسيطر على تهريب المخدرات في الإمارات قبل تسليمه إلى هولندا، وهو يُحاكم حالياً مع 16 من شركائه بما في ذلك ذراعه الأيمن سعيد رزوقي، الذي اعتقله مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي خلال شهر فبراير 2020 في كولومبيا.
ووفق وسائل إعلام هولندية، يبدو من التحقيقات أن تاغي عاش في إيران وبلجيكا حيث وضعت عشائر مختلفة من “ماكرو مافيا” يدها على تهريب الكوكايين إلى أوروبا.
وفي السياق ذاته، تجري محاكمة “رضوان تاغي” ضواحي العاصمة أمستردام، حيث تنتظره عقوبة السجن مدى الحياة رفقة مساعديه بسبب تورطهم في 13 جريمة قتل أو محاولة قتل ارتكبت ما بين عامي 2015 و2017.
ووفق المصادر ذاتها، فإنه تم تسجيل حوالي 100 جريمة قتل أخرى مرتبطة بتهريب المخدرات في هولندا وكذلك إطلاق نار أو هجمات مختلفة ضد وسائل الإعلام. المدعي العام الهولندي نفسه يعيش تحت حماية الشرطة كما تعرض قضاة آخرون للتهديد، وتم قطع رأس رجل يبلغ من العمر 23 عاماً لأنه عضو في عصابة إجرامية منافسة.
وكان “تحرير” رضوان تاغي، بحسب مصدر في الشرطة، الهدف الرئيسي ل ” مافيا موكرو” حيث خطط أفرادها لمجموعة من الهجمات والاعتداءات خلال الأشهر الأخيرة تم إحباطها من طرف الأمن الهولندي.
وإلى جانب اختطاف شخصيات بارزة، تضمنت هذه الخطط هجوما على سجن “فوغت” جنوب البلاد حيث يقبع “رضوان تاغي” أما يوسف تاغي، ابن عمه، فقد اعتقل في خريف عام 2021 ويشتبه في قيامه خلال زياراته العديدة إلى “فوغت” بتهيئة هروب رضوان.
تحولت هولندا، التي كانت ذات يوم جنة الخلد التي يحلم كل الشباب الأوروبي العيش والاستقرار بها، قبل أن تتحول بقدرة قادر إلى وكر للمجرمين ومجال مفتوح لنشاط عصابات المافيا.