في تسليطه الضوء على التغيرات التي يمكن ان تطرأ على القطاع السياحي بالمغرب، خاصة على إثر تطور العلاقات الإقتصادية بين المغرب والصين، قال ناصر بوشيبة، الباحث في العلاقات الصينية – الافريقية بمعهد السياسة ،جامعة “صن يات سين”، “إن من بين النتائج الإيجابية للزيارة الملكية التاريخية للصين في مايو 2016، إسقاط التاشيرة عن المواطنين الصينيين الراغبين في زيارة المغرب. هذا القرار وعلى لسان الكثير من محترفي السياحة المغاربة ساهم في إنقاذ هذا الموسم السياحي، على عكس ماكان تنبأ بعض المراقبين آنذاك،ان الصينيين سيتدفقون على المغرب من اجل منافسة منتوجات الصناعة التقليدية”.
واعتبر بوشيبة في تصريحات لـ”24ساعة”، أن “نجاح السياحة في بلد ما هو استقطاب نفس السائح لزيارة ثانية، وان يقوم بالتعريف بالوجهة السياحية عند رجوعه الى بلده. وفِي هذا الإطار وبحكم مرافقتي لوفود استثمارية صينية لمختلف الجهات السياحية المغربية”، مضيفا “عاينت عن قرب ما يمكن ان يتعرض له السائح الصيني من مضايقات ويفسد رحلة ضيوف قطعو اكثر من عشر آلاف كيلومتر للتعرف على بلاد احفاد ابن بطوطة”.
واشار بوشيبة إلى ان “الأمن والاستقرار هما بين العوامل الاساسية التي ينعم بها المغرب، الا ان هناك بؤر استفشت فيها ظاهرة الاجرام وأصبحت تشكل تهديدا ليس فقط على السياح بل وعلى المواطنين”.
وفي جرده لأمثلة حية وواقعية عاينها في المغرب، قال بوشيبة، “قبل وصولنا لمدينة مراكش، استشرت ضابطا بالشرطة السياحية المحلية بحكم ان من بين أعضاء الوفد اساتذة وصحافيين، فأكد لي ان لا خوف عليهم في مدينة الامن والامان. ولكن بمجرد وصولنا الى جامع الفنا، اقترب خمسة مراهقين من سيدة اعمال في مجموعتنا، ولمحت واحدا منهم يقوم بالالتصاق بها في محاكاة لحركة “جنسية”. لم يعرف المراهق انني مع الوفد ولَم يعرف كذلك انني كنت بطلا للمغرب في رياضة التيكواندو مع فريق الكوكب المراكشي في تسعينيات القرن الماضي، فكان نصيبه صفعة سيتذكرها اثناء محاولاته القادمة للتحرش الجنسي”، ومضى بوشيبة قائلا، “اعتذرت للسيدة الصينية وصراحة لم اعرف كيف أبرر هذا الفعل الشنيع. قصة اخرى لفتاتين صينيتين استعملو خريطة غوغل للوصول الى الفندق من مطار الدار البيضاء الى وسط المدينة، فكان مصيرهم ان وجدو نفسهم في حي معروف باستفحال الاجرام. جردت الصينيتين من متاعهن وضربت إحداهن بالسيف مما أدى الى جرح كبير في الوجه. صينية اخرى التقيتها في السفارة الصينية وسمعتها تندب حظها السيء بعد ان هوجمت في مدينة فاس وتلقت ضربة سكين على رأسها ستجعلها تتذكر الى الابد مغربنا الحبيب”.
ومن بين العوامل أيضا، ذكر نفس المتحدث، “ثقافة البوربوار، والتي يرجع تاريخها، الى القرن 18، حيت قام صاحب مطعم فرنسي بوضع إناء يضع فيه الزبائن بعض النقود مقابل خدمة أسرع. وفي المغرب يجد السائح نفسه مضطرا الى دفع بوربوار لعاملي الفنادق، والمطاعم والمقاهي والمراحيض وكذلك السائقين والمرشدين. وإذا لم يدفع بحكم عدم معرفته او عدم تقبله لهذه الثقافة فسيكشرون في وجهه وقد يختلق بعضهم له مشاكل. ومن الطرائف ان السائق الذي اقل وفدا استثماريا كان من هذا النوع، وكان جل حديثه هو البوربوار. فاضطررت ان أعطيه مبالغ مالية عند كل مدينة حتى لا يخلق مشاكل وان يقوم بعمله بشكل جدي. وبحكم ان هذا الثقافة غير منتشرة في الصين، حيت يقوم اصحاب الشركات بإدماج البوربوار في اثمنة الخدمات ويدفعون للعاملين أجورا مناسبة. وخلافا لما يتداول ان السياح الصينيين بخلاء في البوربوار، عندما شرحت لهم ان العامل المغربي في الأماكن السياحية يتقاضى اجرا زهيدا وان البوربوار هو جزء من اجرته، بداو يعطون وبسخاء كلما اقتضت الضرورة لذلك”.
وشدد الباحث المغربي على أن “مشكل الأمن هو جد معقد، موضحا أن “اعادة التأهيل تعد من الحلول الجذرية لهذه المعضلة”.
واستدرك بوشيبة بالقول، أنه “بحكم أهمية قطاع السياحة في الاقتصاد الوطني، حبَّذا لو ضاعفنا التواجد الأمني و كاميرات المراقبة في الأماكن السياحية مع تشديد العقوبات ضد المجرمين، لنضمن على الأقل ان يستمتع السائح بعطلته بعيدا عن المضايقات ونحسن من صورة بلدنا”.
أما بالنسبة لمشكلة “البوربوار”، فيقترح بوشيبة على الشركات السياحية أن “تدمج ذلك في العرض الذي تقدمه للسائح الصيني في انتظار ان تصبح ثقافة مقبولة لديهم. وحتى ان لم يعطي السائح البوربوار فعلى محترفي السياحة ان لا يكشرو في وجهه، فمجرد اختياره لوجهة المغرب هو مساهمة في الاقتصاد الوطني”.