حاورها محمد بن سيدي
لعل الصورة النمطية التي ساهمت في ترسيخها العديد من الأسباب، حول المرأة المغربية المغتربة التي اختارت بلد المهجر مستقرا معيشيا، صورة تطبعها السلبية، وتقديم المرأة المغربية في اتجاه يرسم الدونية والتقليل منها، وهذا ما يخالف الواقع، ويخالف ما وصلت إليه المغربية وما حققته، في شتى المجالات في مختلف بقاع العالم.
في هذه السلسلة التي اخترنا لها عنوانا بارزا “الهجرة..إسم مؤنث”، سنحاول سرد حكايات نساء مغربيات، تألقن وحققن إنجازات جديرة بالتنويه، وطبعن على مسارات مهنية متفردة، من خلال محاورة ضيفات مغربيات من أرض المهجر.
في هذه الحلقة، تستضيف الاستاذة جليلة اليزيد سبتية الموطن عالمية النشأة مغربية الجذور، منحذرة من دار فقه وعلم متجذرة في السياسة وعمل الجمعيات متبصرة في الادب واللغات.
لديها مسار علمي وعملي حافل نترككم معها في هذا الحوار الشيق لاكتشافها بشكل معمق:
نبذة قصيرة عنكم ومن اي منطقة بالمغرب ؟
اسمي الكامل جليلة اليزيد 55 سنة مقيمه حاليا بمدينة موطالا بدولة السويد أستاذة لغات فاعلة سياسية و مدنية و اعلامية، حاصلة على ديبلوم السلك الثالث في نظرية الخطاب و النقد الادبي و حاصلة ايضا على الماجستير في البيداغوجيا من غرناطة ، جذوري مغربية وهويتي مغربية اسبانية، ميلادي كان بسبتة التي استقرت بها عائلتي قادمة من مدينة الحسيمة سنة 1880،اصلي من جهة الوالد ينتهي بتافيلالت (شرفاء علويين) و من جهة امي بمنطقة غجدامة جنوب المغرب( قبائل حوز مراكش).
كيف كان مساركم الدراسي ؟
مساري الدراسي كان متميز و متنوع ، و من بين اسباب النبوغ و التميز كون والدي يشتغل في قطاع التعليم بين التدريس و الادارة التربوية ، امضيت طفولتي الاولى بسبتة رفقة مربية اسبانية و بعدها ذهبت مع الوالد حيث انتقل الى المغرب ليمارس مهنة التدريس بمدينة تطوان ثم الى مدينة ابي الجعد الى حدود سنة 1979 ،بعدها عدت الى سبتة لأحصل على الباكالوريا علوم تجريبية سنة 1984 ثم الاجازة في الادب الاسباني سنة 1988 و بعدها على ديبلوم السلك الثالث في نظرية الخطاب و النقد الادبي سنة 1990 و ايضا الماجستير في البيداغوجيا سنة 2002 بإسبانيا.
ما هي أبرز المحطات التي طبعت مساركم المهني؟ وما هي المناصب التي شغلتموها؟
بعدما انهيت دراستي العليا الجامعية بإسبانيا التحقت بمهنة التدريس حيث اشتغلت استاذة لغات سنة 1992 بإسبانيا و ايضا اشتغلت كمترجمة معتمدة لدى كثير من المؤسسات ،بعد ذلك اشتغلت أستاذة للتربية الاسلامية بالمدارس الاسبانية سنة 2001 بالضبط، و مترجمة معتمدة لدى وزارة الداخلية الاسبانية و الادارات العمومية ، كما توليت رئاسة مؤسسة مسجد سيدي اليزيد محمد المبارك بسبتة سنة 2007 لمدة سنتين ،بعد انتقالي للسويد اشتغلت كمترجمة لجريدة سويدن بوست و استاذة للغة الاسبانية .
هل كانت الهجرة اختيار ام محض صدفة ؟
قصتي مع الهجرة تمتد الى القدم حيث هاجر اجدادي الى سبتة نهاية القرن 19 و استقروا بهذه المدينة رفقة مجموعة من العائلات الاخرى اذكر منها : حمو سلام، امزوج ، اهويضر ، بوكروش ،لمغاين . بعدها عدت للمغرب مع والدي كما اسلفت الذكر بسبب عمله كأستاذ و مدير تربوي ،و عدت من جديد الى سبتة من اجل الدراسة و الاستقرار بها ، بعد ذلك هاجرت من سبتة الى غرناطة باسبانيا و هذه المرة بسبب مرض ابنتي بالقلب ،ثم هاجرت مجددا الى الولايات المتحدة الامريكية لمدة سنتين و نصف سنة 1999 لمرافقة الزوج و بعدها عدت مرة اخرى الى اسبانيا ،مرة اخرى من جديد سنة 2013 كان اختيار الهجرة من اسبانيا الى السويد سببه مصلحة الابناء ،هدا كل ما يتعلق بالهجرة .
ما هي علاقتك بالعمل السياسي و الجمعوي ؟
اهتمامي بالفعل المدني و السياسي مرده الى تربيتي و تأثري بسلوك والدي ،حيث كان ابي يشتغل كمربي لعشرات السنين و كإمام مسجد بسبتة لمدة 20 سنة و رئيس لمجلس الهلال الابيض و هي مؤسسة خيرية، ما جعلني أتأثر بالعمل التطوعي لمساعدة و تأطير الاخرين، و ولوج هذا العمل النبيل كان منذ سنة 1992 .فعلى المستوى المدني كما سبق و تطرقت لذلك، اسست رفقة الوالد مؤسسة تربوية تابعة لمسجد سيدي اليزيد محمد المبارك سنة 1999 بسبتة ،و منذ 2002 و انا ملازمة لهذ المعلمة، استملت ادارة هذه المؤسسة سنة 2007 الى حدود 2009و هي مهمة ذات بعد امني و اجتماعي و ديني و عدت لهذه المهمة سنة 2011 الى غاية هجرتي الى السويد ، و تقلدت مهمة الكتابة العامة للتجمع المغربي بالسويد من 2015 الى 2018 .
بالسنة لأنشطتي السياسية بإسبانيا كانت في اطار انتمائي لكل من : حزب الشعب وحزب الاتحاد الاشتراكي العمالي بإسبانيا، و الحزب الاشتراكي الديمقراطي بالسويد ،و بالمناسبة قد حصلت على الرتبة السادسة في الانتخابات المحلية بمونطالا- السويد لسنة 2018.
من فضلك من هي جليلة الاعلامية ؟
علاقتي بالصحافة هي في اطار الاشتغال بقسم الترجمة “ترجمة الاخبار ” للصحيفة الالكترونية سويدان بوست بدولة السويد ،كما انني اقوم بتغطيات اعلامية وحوارات و مقابلات مع عدة سياسيين وشخصيات في مجالات أخرى لفائدة نفس الجريدة. واهم عمل قمت به في هذا الباب تغطية الأسبوع السياسي في جزيرة غوتلاند سنة2016الذي يعتبر أشهر حدث اعلامي وأكبر لقاء سياسي دولي يقام في السويد.
ماهي اهم الصعوبات التي واجهتكم في المهجر ؟
اهم الصعوبات التي واجهتي ببلدان المهجر خصوصا بالولايات المتحدة الامريكية والسويد مرتبطة اساسا باللغة، لكن هذا المشكل تغلبت عليه بمجهود شخصي و اللجوء الى مركز لتعلم اللغة بالسويد اما اسبانيا فاعتبرها بلدي ، هناك مشاكل اخرى واجهتني في المهجر متعلقة بنشاطي المدني و بالضبط مع الجنسيات المسلمة خاصة عندما يكون في الامر حساسية سياسية.
ما هي روابطكم مع المغرب؟
المغرب له محبة متجذرة و قوية جدا في قلبي، علاقتي بالمغرب فيها روابط الاصل و الدم و العرق الشريف ،اعتز كثيرا بهذا الانتماء الوجداني للمغرب ،و كل ما سنحت فرصة زيارة المغرب فلا اتردد سواء للزيارات والسياحة او لأي عمل مدني او ذو طابع سياسي ، حيث كانت زيارة لي في هذا السياق سنة 2018 للمشاركة بمؤتمر دولي بأكادير شاركت فيه 40 دولة حول :”صحراء نموذج الامم المتحدة” وقد كنت ضمن لجنة اشتغلت حول موضوع حل النزاعات .من جهة اخرى فأنا مهتمة جدا بالقضايا التي تهم المغرب الحبيب بالسويد خاصة قضية الوحدة الترابية، فعلى سبيل المثال تواجدي بالحزب الاشتراكي الديمقراطي يجعلني ادافع من داخل الحزب عن شرعية المغرب على صحرائه ، كما اذكر احد مشاركاتي في محاضرة كانت منظمة من طرف المعهد الافريقي بالسويد حضرتها امينتو حيدر رفقة 3 طالبات عن جبهة بوليساريو،وكان الغرض من حضوري هو تفنيد مزاعم اطروحة البوليساريو بمساعدة احد الصديقات و هي مغربية و بدعم من يهود مغاربة مشكورين، كما انني شاركت في كثير من الندوات مع مغاربة المهجر من ايطاليا و سويسرا و هولندا حول مواضيع الترافع عن الوحدة الترابية.
ما هي طموحاتكم في علاقة التعاون مع بلدك الاصل المغرب؟
حبي للمغرب يجعلني مرتبطة به الى ان يأخذ الله روحي ،و اتمنى ان يزيد المغرب في سرعة بناء التنمية و تنزيل مبادئ الديمقراطية داخليا، و الاهتمام بمغاربة العالم فهم امكانية لها قوتها و مكانها في العالم باسره ،و اتمنى ان يعزز المغرب تواجده رسميا خاصة في التواصل و تأطير مغاربة العالم و الانصات لهمومهم و مشاكلهم و الانفتاح عليهم اكثر ،كما يجب اشراك هذه الفئة العريضة من المغاربة المتواجدين بالخارج في بناء صرح المغرب القوي و في الدفاع عن قضاياه المصيرية لمزيد من الريادة ،عني شخصيا بعد اكتساب مجموعة من التجارب مدنيا و سياسيا بإسبانيا و السويد فانا مستعدة للاشتغال المشترك في كل ما هو صالح للبشرية و للمغرب ،و لماذا لا التفكير في صناعة لوبينغ ذو طابع سياسي و اقتصادي من مغاربة العالم يشتغل لصالح المغرب و المغاربة .