أسامة بلفقير- الرباط
على نهجها الدائم، لم تتردد الجزائر في إبداء مواقفها العدائية المريضة تجاه المغرب، ولو في قضية يفترض أن تكون فوق أي اعتبار آخر. ففي الوقت الذي يقوم المغرب عبر لجنة القدس، التي يرأسها جلالة الملك محمد السادس، بعمل كبير واستراتيجي، يحظى باعتراف وتأييد الدول العربية والإسلامية، لم يجد نظام تبون أدنى حرج في ممارسة منطقه السياسوي البئيس خلال الأسبوع الأخير.
وبدأت هذه الممارسات بعرقلة ممثل الجزائر الدائم بالأمم المتحدة اعتماد بيان صادر عن المجموعة العربية في نيويورك إذ يتعلق بالاعتداء الإسرائيلي الأخير على الأماكن المقدسة بالقدس، وذلك بسبب الإشارة إلى دور لجنة القدس التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي التي يرأسها العاهل المغربي الملك محمد السادس، فيما أدانت الرباط “التسييس الدنيء للجارة الشرقية للقضية الفلسطينية”.
خطوة يرى مراقبون أنها تأتي في أعقاب فشل الجزائر في تحقيق أي توافق بين الفصائل الفلسطينية لدى احتضانها الحوار الفلسطيني – الفلسطيني في يناير الماضي، والذي انتهى بإدانة التطبيع مع إسرائيل ومهاجمة دول بعينها بسبب علاقتها بتل أبيب، في إشارة مباشرة إلى المغرب دون سواه من الدول التي تقيم علاقات مع تل أبيب.
السلوك الجزائري المعرقل حول قضية حيوية بالنسبة للعالم العربي، يثير مخاوف وهواجس حقيقية داخل المجموعة العربية من نزوع الجزائر، الرئيسي في القمة العربية المقبلة، إلى التضحية بالقضية الفلسطينية، لاسترضاء رغبتها ضد المغرب ومؤسساته.
ويؤكد المراقبون أن موضوع القضية الفلسطينية يكتسي حساسية خاصة وأهمية بالغة للمغرب، بدليل البلاغ القوي الذي صدر في أعقب الاعتداءات الإسرائيلية. فرئاسة الملك محمد السادس للجنة القدس، وفق ما جاء في خطاب الملك محمد السادس عام 2014 في مراكش خلال الدورة العشرين للجنة، “ليست حظوة أو جاهًا، وإنما هي أمانة عظمى، ومسؤولية كبرى، أمام الله والتاريخ”.
هذا يعني أن المغرب لا يستعمل القضية الفلسطينية لخدمة أجندته السياسية، كما يفعل النظام الجزائري بطريقة دنيئة جدا..بل إن المغرب هو موقف تاريخي، مبدئي وغير قابل للتغيير نتيجة تقلبات الأحوال الجوية للعلاقات الدبلوماسية.
لذلك، فإن مجموعة من الأحداث التي مرت بها القضية الفلسطينية حاول النظام الجزائري الركوب عليها وتصفية حساباته السياسية مع المغرب، والأمر هنا لا يرتبط باستئناف علاقات الرباط وتل أبيب لعلاقاتهما الدبلوماسية، ولكن بعقيدة راسخة لدى الجزائري في معاداة كل ما هو مغربي وتبخيس الأدوار المغربية الريادية في الدفاع عن القضية…بدليل أن ما يقدمه المغرب لفلسطين، ماليا وسياسيا ودبلوماسيا، لم ولن يقدمه النظام الجزائري مهما افترى على التاريخ والواقع.