سليمة فراجي
ان تقنية الدفع بعدم دستورية القوانين معترف بها في غالبية الدول وقد اعتمدها المشرع الدستوري المغربي بمقتضى الفصل 133 من الدستور وتعتبر رقابة لاحقة على دستورية القوانين من خلال منح المواطنين الحق في هذا الدفع لتحقيق عدالة دستورية مواطنة ، علما ان هذا الحق الدستوري نص عليه لاول مرة دستور 2011 ولم تنص عليه دساتير 1962-1970-1972-1992-1996
وبذلك يشكل نقلة نوعية تهدف تحصين الحقوق والحريات واشاعة ثقافة الوعي بالحقوق والالتزامات وتعزيز الديموقراطية المواطنة.
ويؤخذ من مضمون الفصل 133 من الدستور أنه قصر الدفع بعدم الدستورية على أطراف النزاع فقط ، واستبعد بشكل واضح خيار الطعن المباشر أمام المحكمة الدستورية، وألزم أن يمر الطعن وجوبا امام المحاكم العادية أو المتخصصة، قبل الإحالة إلى المحكمة الدستورية، لا ان يتم التوجه مباشرة الى المحكمة الدستورية كما يعتقد البعض خطأ.
علما ان المحكمة الدستورية طبقاللفصل 133 من الدستور تختص بالنظر في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون اثير اثناء النظر في قضية وذلك اذا دفع احد الاطراف بان القانون الذي سيطبق في النزاع يمس بالحقوق وبالحريات التي يضمنها الدستور ، وان القانون التنظيمي رقم 15-86 الذي يحدد شروط واجراءات تطبيق الفصل 133 من الدستور لا زال متواجدا برفوف لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب لكون المحكمة الدستورية قضت بعدم دستوريته ،بعد احالته عليها لتبت في مدى مطابقته للدستور شأنه شأن القوانين التنظيمية التي تحال عليها طبقا للفصل 132 من الدستور قبل اصدار الامر بتنفيذها ،
وما دامت المحكمة الدستورية ارجعته الى البرلمان لعدم دستوريته فانه يتعذر على المواطنين اللجوء الى تقنية الدفع بعدم الدستورية في انتظار مناقشته وتنقيحه و مصادقة البرلمان عليه
واذا كانت عملية تمرير هذا القانون التنظيمي تعثرت خلال ولايتين برلمانيتين بعد دستور 2011 في الوقت الذي كان من المفروض ان يتم تمرير القانون التنظيمي رقم 86-15 المتعلق بالدفع بعدم الدستورية مباشرة بعد المصادقة على القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية وسيرها والاجراءات المتبعة امامها ووضعية اعضائها ، فاننا نتمنى الا يستمر التشنج الذي طبع الولايتين كلما تعلق الامر بقوانين لها علاقة بالحقوق والحريات حتى يتمكن المواطن من اللجوء الى هذه التقنية تحصينا للحقوق والحريات من جهة وتكريس سمو الدستور بجعل القاعدة الادنى تتطابق مع القاعدة الاعلى درجة ، مع تيسير ولوج مسالك القضاء الدستوري اذ لم يرتق الدستور بالمجلس الدستوري السابق الى محكمة دستورية الا لتمكين المواطن من المساهمة في تنقية وتطهير الترسانة القانونية والنصوص التشريعية مما قد يشوبها من عيوب ومقتضيات غير دستورية.