سعيد برادة
في الرباط عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي، يبدو لي من خلال ثقافتي التشكيلية المتواضعة أن هناك ثلاثة مصابيح محترقة يجب المبادرة لتبديلها حتى تضيء الرباط بالفعل وترقى لتكون عاصمة الأنوار، فلا أنوار بلا ذكاء، ولا أنوار بلا تواصل ولا أنوار حقيقة بلا أخلاق كما يقول المفكر الكبير الراحل إدوارد سعيد، ثلاثة مصابيح أثبتت فشلها في الإضاءة، فلا فائدة في انتظار النور من مصابيح معطلة كما تقول الرسامة الفرنسية نيكي دوسانت فال.
وزير الثقافة وكاتبه العام ومديرة الكتاب ثلاثة مصابيح مُعطلة، يُجمع المهتمون بالشأن الثقافي والفني أن المراهنة عليها مراهنة على تكرار الفشل، لأن الثلاثة يفتقرون إلى الموهبة، المصابيح الثلاثة يعرف الخاص والعام أنها جاءت محترقة قبل أن تُنَصَّب في مسؤولياتها، ولا علاقة للكفاءة فيما حظيت به من مسؤولية، إنها مصابيح ستكون بلا شك وراء فشل الرباط التي راهنَ عليها المغرب الثقافي لتكون عاصمة للأنوار، وسيكون ثمن الفشل فادحا وأكبر بكثير من أي ثمن، فقد أثبت الثلاثة عجزا إداريا مزمنا مع توالي الأحداث وتعاقب الاختبارات مثلما أثبتت أن انتظار إضاءتها هو انتظار شبيه بانتظار غودو في مسرحية صامويل بيكيت، الثلاثة لا علاقة لهم لا بالثقافة الكلاسيكية ولا بالثقافة الحديثة ولا بأي ثقافة تشكيلية أو موسيقية أودرامية أو أو، لقد أظهرت فضيحة جائزة المغرب الأخيرة، وهي ليست سوى واحدة من سلسلة الإخفاقات التي زلزلت صورة المغرب وأساءت إليه إساءة شديدة مثلما أساءت إلى كل مثقف وفنان، أعتقد شخصيا أن المصابيح الثلاثة المعطلة ستأخذ الرباط لفشل مرتقب وبعيون مفتوحة ولكنها عمياء في كل الأنشطة الثقافية التي ينتظرها العالم من فضاء حضاري كالرباط، فضاء يجتهد ملك البلاد ويتطلع ليكون وجها من وجوه المنافسة به في العالم من خلال متابعته لإعادة تهيئته بنفسه وحرصه على كل التفاصيل المادية والفنية، فضاء الرباط يمتد أفقه التاريخي بقرون إلى عهد المرابطين والموحدين، وقد جمعت الرباط في نسيجها من الألوان الأندلسية والشرقية والأمازيغية والإفريقية، الرباط عاصمة للثقافة تستحق الأحسن في إدارة مشاريعها الثقافية ورعاية برامج يفترض أن تقدم المغرب الثقافي وفي قلبه صورة محترمة للمثقفين والفنانين والسينمائيين وغيرهم من صانعي البهجة والثقافة والرقي..هذا المشروع الحضاري لا يمكن المراهنة على المصابيح الثلاثة المظلمة أن تنهض به.