الرباط-عماد مجدوبي
يحل رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، اليوم الأربعاء، بالمغرب، في أول زيارة له بعد تجديد ولايته، حاملا ملفات عديدة، خاصة تلك العالقة بين مدريد والرباط، وفي الوقت ذاته “تأكيدا جديدا على استمرار نمو العلاقات بين المملكتين”.
برنامج الزيارة لم يعلن عنه بشكل رسمي، باستثناء إشارات مقتضبة إلى لقاءات بين سانشيز والمسؤولين المغاربة، على رأسهم رئيس الحكومة عزيز أخنوش، لكن الأوساط الإعلامية الإسبانية تتوقع استقبالا ملكيا لبيدرو سانشيز.
عمليا، تنظر وسائل الإعلام إلى الزيارة كخطوة جديدة لاستكمال التوافق حول عدد من الملفات. فداخل الأوساط الإسبانية الرسمية، هناك قناعة تشكلت في السنوات الأخيرة بأن المغرب شريك لا يمكن التعامل معه بمنطق الصراع ولا حتى الجوار الحذر.
في عدد من المحطات التي اتسمت بالندية والتوتر، تعاملت الرباط بقدر كبير من الدبلوماسية وحكمة الموقف، إلى أن جاءت المبادرة من الذي بادر بافتعال الأزمة ليتم طيها بشكل نهائي وتقرر إسبانيا الدعم الكامل للمغرب في صحرائه.
تحمل هذه الزيارة إذن، بالنسبة للجانب الإسباني، عددا من الآمال والتطلعات. فالعلاقات بين البلدين توجد الآن في أحسن حالاتها، وهو ما يجعل مدريد تسارع إلى إنهاء التفاوض حول عدد من الملفات التي لم تحسم.
بالنسبة للأوساط الشعبية الإسبانية، هناك ترقب لما ستسفر عنه المفاوضات بين البلدين حول المعابر الجمركية على مستوى مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين. ذلك أن اقتصاد المدينتين يعول أساسا على المغرب، وهو ما يجعل إسبانيا تستعجل بإيجاد حل سريع تفاديا للأسوأ.
أيضا، هناك ملف الهجرة غير القانونية. فالمغرب يلعب دورا حيويا واستراتيجيا لا يمكن لإسبانيا أن تلعبه في مواجهة تدفقات المهاجرين باعتبارها مقصد هؤلاء أو على الأقل نقطة انطلاق أساسية نحو فضاء شنغن. في المقابل، يبرز موقع المغرب الجغرافي كفاعل أساسي لكن الملف تشوبه الكثير من التعقيدات.
لقد نجح المغرب، برؤية إنسانية تقوم على مواجهة عصابات الاتجار في البشر والتهريب، في إغلاق المنافذ على مستوى الغرب المتوسطي، وهو ما جعل عصابات التهجير تبحث عن طرق جديدة منها الطريق البحري عبر موريتانيا والسينغال. لذلك، فإن إسبانيا تنظر إلى المغرب كبلد يمكن أن يلعب دورا أكبر في إطار موقعه الجيوسياسي.
ذلك أن إطلاق مبادرة الولوج إلى الأطلسية تنظر إليها إسبانيا كإحدى آليات ومداخل تحفيز الرخاء الاقتصادي لدول المنطقة، والدفع نحو إطلاق ديناميات تحفز شباب الدوب المعنية على البقاء في أوطانهم.
أيضا، تظل ملفات أخرى حاضرة بقوة من قبيل الأمن ومحاربة الإرهاب، وما يتصل باتفاقيات المجال الفلاحي والصيد البحري، وأيضا الطاقات المتجددة والمونديال وغيرها من الملفات.
لكن بالنسبة للمغرب هناك ملفات أساسية يأتي في مقدمتها ملف الصحراء المغربية. فالزيارة قد تشكل بداية اعتراف كلي بسيادة المغرب على صحرائه على شاكلة الاعتراف الأمريكي، مع خصوصية إسبانيا في كونها المستعمر السابق. وفضلا عن ذلك، تعول الرباط على مدريد للعب دور أكثر قوة في دفع دول الاتحاد الأوروبي، وحتى هذه المنظومة، لدعم مشروع الحكم الذاتي بعيدا عن لعبة “المواقف الدبلوماسية” الغامضة.
وفي انتظار نتائج هذه الزيارة التي سادها الكثير من التكتم، وربما لم يتم التحضير لها إلا خلال الأيام الأخيرة، يرى عدد من المراقبين أن هناك قناعة لدى “الدولة العميقة” في إسبانيا بأن التطور الذي شهدته العلاقات بين الدولتين أصبح ضمن ثوابت الشراكة بين الرباط ومدريد، الغير قابلة للتغيير مع تغير الحكومات.