نشر بشراكة مع DW العربية
الخلاف الدائر حاليا بين النظام السوري، بقيادة بشار الأسد، وبين ابن خاله رجل الأعمال رامي مخلوف يفتح الباب على مصراعيه للحديث عن علاقة المال بالسلطة في العالم العربي.
وهذا النوع من العلاقات بين رجال المال ورجال السلطة، تحيط به العديد من علامات الاستفهام. ورغم أن الإرث العربي الطويل لهذه العلاقات يظهر أنها كثيرا ما تبدأ بالربح وتنتهي بخسائر باهظة؛ إلا أنها علاقات متكررة ومتجددة في الدول العربية وذلك لأسباب عديدة!
“الأنظمة مصدر القوة والثروة”
في الجزائر مثلا، يحاكم رئيسا الوزراء السابقان، أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، ومعهم وزراء وولاة سابقون بتهم فساد تتضمن “تلقي مزايا غير مستحقة وتبديد مال عام واستغلال الوظيفة الحكومية لأغراض شخصية”. ويحاكم معهم أيضا رجل الأعمال المعروف علي حداد وكذلك محي الدين طحكوت.
وإذا كان أويحيى وسلال يعتبران أول رئيسي حكومة في تاريخ الجزائر يصدر ضدهما أحكام قضائية بالسجن: 15 عاما لأويحيي و12 عاما للسلال في القضية المعروفة إعلاميا باسم “مصانع تركيب السيارات الأجنبية”، فإن على حداد، صاحب أكبر شركة تعمير خاصة في الجزائر، يعد أول شخصية عامة على صلة بالرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة يصدر في حقها حكم بالسجن، في قضية متعلقة بجواز سفره.
وفي حوار أجرته معه DW عربية، يشير خالد بن راشد الخاطر، المتخصص بالاقتصاد السياسي، إلى أن “غياب الشفافية والرقابة والمحاسبة على المال العام في العالم العربي يؤدي لتحول القطاع الخاص إلى امتداد للدولة، سواء من خلال رجال أعمال محسوبين على الأنظمة أو شبكات منتفعين”.
أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، مصطفى كامل السيد، فيوضح في حوار مع DW عربية أن الأنظمة في العالم العربي دائما ما تلعب دورا أساسيا في الاقتصاد إما لكبر حجم القطاع العام بالدولة أو لأن المصدر الأساسي للدخل يأتي من قطاعات تسيطر عليها الدولة. وفي كلتا الحالتين يظل رجال الأعمال بالعالم العربي في حاجة دائمة لعلاقة طيبة مع السلطة باعتبارها “ضرورية” سواء للحصول على فرص للإنتاج أو من أجل حماية ثرواتهم لأن الأنظمة في الدول العربية “مازالت مصدر القوة والثروة معا”.
القطاع الخاص ودفاعه عن مصالحه
ويؤكد كامل السيد أن إقامة علاقة بين رجال المال والسلطة في بلد ما يتسبب في مشاكل، عندما لا تصب تلك العلاقة في إطار تحقيق الصالح العام، كتوفير فرص عمل وخدمات لائقة للمواطنين مثلا. وبدورها قد تؤدي تلك العلاقة إلى إهمال قطاعات مهمة كالتعليم والصحة، مثلما حدث في مصر وتونس قبل عام 2011، على حد تعبيره.
ويقول المستشار الإعلامي لجمعية رجال الأعمال المصريين سعيد الأطرش، في حوار مع DW عربية، إن “الصالح العام يمكن أن يكون معيارا” للحكم على العلاقة بين رجال الأعمال والسلطة. ويؤكد الأطرش: “ليس من العيب أن يدافع القطاع الخاص عن مصالحه، والتي تعود بالنفع أيضا على قطاعات واسعة في المجتمع”.
وبذكر مصر وتونس، فقد شهدت الدولتان بعد نشوب ثورتين بهما عام 2011 محاكمات لرجال أعمال محسوبة على نظامي الرئيسين الراحلين حسني مبارك وزين العابدين بن على.
ولحقت بهذه القضايا فيما بعد محاولات لتسوية بعضها، لعل أبرزها في مصر كان إعلان جهاز الكسب غير المشروع عن التصالح مع رجل الأعمال الراحل حسين سالم. وتمت الصفقة مع سالم في مقابل تنازله عن 75 بالمئة من ثروته إلى الدولة، بما قُدر حينها بأكثر من خمسة مليارات جنيه مصري.
آما في تونس، فقد أعلن الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي عام 2015 عن مشروع للمصالحة الوطنية بشأن قضايا الفسادالمالي والاعتداء على المال العام، ليصدق البرلمان التونسي على القانون عام 2017.