الدار البيضاء-سكينة المهتدي
كشف تقرير “أنفوريسك”، مكتب البيانات المتخصص في المعلومات القانونية والمالية للشركات، عن أرقام مثيرة تشير إلى ارتفاع ملحوظ في معدل توقف أنشطة الشركات خلال النصف الأول من عام 2023. وفقًا للتقرير، ارتفعت نسبة التوقف بنسبة 18٪ مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وتظهر الإحصائيات أن الشركات الصغرى تأثرت بشكل كبير، حيث بلغت نسبة الإفلاس في هذا القطاع 98.8٪، بينما بلغت نسبة الإفلاس في الشركات المتوسطة 1.1٪.
وتشير توقعات “أنفوريسك” إلى أن عدد الشركات المغربية التي أفلست في العام الماضي ارتفع بنسبة 17.4٪ مقارنة بعام 2021، ويتوقع أن يسجل العام 2023 رقمًا قياسيًا جديدًا بوصول عدد حالات الإفلاس إلى حوالي 15 ألف شركة.
في نفس السياق أشارت الكنفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة في بيان حديث لها، إلى أن هذه المقاولات تواجه تحديات عديدة تهدد استدامتها وتؤثر سلباً على أعمالها.
ومن أبرز الأسباب التي أوردتها الكنفدرالية لهذا الوضع الصعب هي صعوبة الولوج إلى التمويل والاستبعاد من الصفقات العمومية، بالإضافة إلى زيادة أسعار المحروقات والضرائب المفروضة عليها.
وقالت الكونفدرالية إن الزيادة في الضريبة المفروضة على المقاولات الصغرى، التي تحقق أرباحاً دون 300 ألف درهم، من 10 إلى 20 في المائة، بالإضافة إلى الزيادة الأخيرة في الحد الأدنى للأجور بنسبة 10 في المائة، قد أثرت سلباً على هذه المقاولات التي تشكل أكثر من 97 في المائة من المقاولات المغربية.
وأشارت الكنفدرالية إلى استمرار إقصاء هذا القطاع من الحوار الاجتماعي واتخاذ قرارات لا تخدم مصلحتهم، مثل زيادة الحد الأدنى للأجور دون توفير حوافز أو امتيازات للمقاولات الصغرى.
أما بالنسبة للبيانات المحينة حول عدد المقاولات التي أفلست في السنوات الأخيرة، فقد أوضحت الكنفدرالية أن هناك تضاربًا بين الأرقام بسبب الاختلاف في طريقة إعداد الدراسات حول هذا الموضوع.
وأرجع رئيس الكونفدرالية، عبد الله الفركي، الأسباب التي دفعت بالعديد من المقولات إلى الإفلاس، إلى مشاكل عدة من أبرزها صعوبة الولوج إلى التمويل، إذ تواجه المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة صعوبات في الحصول على التمويل اللازم لتشغيل أعمالها وتوسيع نشاطها.
وأضاف رئيس الكونفدرالية ضمن تصريح ل”24ساعة”، “كما يشكل الحد الأدنى للأجور والشروط البيروقراطية التي تُلزمُ بها البنوك الشركات عائقًا كبيرًا، في ظل ما تمثله الخطوة من دعم للقطاع وتحفيز للنمو داخل نسيجه الاقتصادي”.
على صعيد آخر، استطرد المسؤول النقابي حديثه بالقول: “يواجه القطاع غير المهيكل في المغرب الكثير من الانتقادات بسبب تأثيره السلبي على المقاولات الصغيرة، وتشير البيانات إلى أن هذا القطاع يشغل أكثر من 77 في المائة من اليد العاملة في البلاد، مما يعني أن الصغيرة والصغرى والمتوسطة تواجه منافسة غير شريفة وتحتاج إلى دعم حكومي للبقاء في السوق”.
وأشار الفركي، إلى أن القانون رقم 156 الذي تم اعتماده عام 2013 بهدف تخصيص 20 في المائة من الصفقات العمومية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة لم يتم بعد تنفيذه بالشكل المطلوب، مورداً، “اليوم بات من الضروري إصدار مراسيم تنظيمية لتفعيل هذا القانون، إذ من المتوقع أن يساهم في تعزيز دور الشركات في الصفقات العمومية وزيادة فرصها في الازدهار”.
وفي ما يتعلق بإحصاءات المقاولات المفلسة، لفتت الكونفدرالية على لسان رئيسها، إلى أن هناك اختلافاً في الأرقام بين مصادر مختلفة، وذلك بسبب الفروق في طريقة إعداد الدراسات.
وأوضح المتحدث، بأن الشركات ذات الشخصية المعنوية تُعلن إفلاسها عبر المحاكم، في حين يلجأ أصحاب المقاولات الذاتية إلى دار الضرائب لإيقاف تحصيل الضرائب منهم، مسجلاً أن نسبة الشركات ذات الشخصية المعنوية لا تتعدى 35% من إجمالي المقاولات في المغرب.
وفي الأخير دعا المسؤول باسم الكونفدرالية التي يتولى رئاستها، إلى إحداث بنك حكومي يُسهِم في توفير التمويل للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، وتنظيم شركة تضامنية تجمع أرباب المقاولات الصغيرة لتعزيز فرص الحصول على التمويل.
كما أكد أيضًا، على ضرورة تنفيذ القوانين التنظيمية لتحقيق المزيد من التفاصيل المتعلقة بتنفيذ قرار تخصيص 20% من الصفقات العمومية لهذه المقاولات.
جدير بالذكر أنه خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام، كان المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية قد كشف عن إحداث 49,145 مشروعًا في مجموعة متنوعة من القطاعات.
واعتُبرَ القطاع التجاري الأكثر بروزًا بنسبة 36.33٪، متبوعًا بالقطاعات العقارية والبناء والخدمات المتنوعة بنسب تبلغ 18.83٪ و17.88٪ على التوالي، بينما أتت القطاعات الأخرى مثل النقل، الصناعات، الفنادق والمطاعم، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، الفلاحة والصيد البحري، والأنشطة المالية في آخر التصنيف بنسب أقل تتراوح بين 0.98٪ و8.11٪.