الرباط-متابعة
بعد نحو عشرة أيام من الزلزال المدمر الذي ضرب إقليم الحوز بالمغرب وأدى إلى مقتل أكثر من 3000 شخص، ظهرت منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي حول صحيفة ليبيراسيون الفرنسية نشرت ـ”أخبار كاذبة”، بعدما قامت بنشر صور تظهر إمرأة مغربية حزينة ترتدي زيًا أزرق على خلفية صفراء لجدار متهدم في مراكش، مرفوقة بعنوان كاذب “ساعدونا..نموت في صمت”.
وبمجرد ظهورها، تعرضت الصفحة الأولى لانتقادات من قبل بعض المعلقين المغاربة، منددين بالإيحاءات الاستعمارية الجديدة، والرغبة في إعطاء رؤية “بائسة” للمغرب، العاجز عن مساعدة سكانه، أو حتى المجبر على التوسل من أجل الخلاص.
تم تخصيص الصفحات الأولى من صحيفة الفرنسية، للزلزال الذين ضرب المغرب، مع مقالات تناقش صعوبة إيصال المساعدات الإنسانية، واختيار المملكة عدم إرسال طلب مسؤول المساعدات إلا إلى عدد قليل من الدول (قطر) والمملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة وإسبانيا)، أو تقرير في منطقة الأطلس الكبير، حيث كانت الخسائر فادحة وكان من الصعب إيصال المساعدات بسبب التضاريس الجبلية.
هذه العناوين التضليلية التي إخترتها الصحيفة الفرنسية المذكورة كان الهدف منها تشويه صورة المغرب، لكن الجدل الدائر الذي تجدد بعد أسبوع قصير هو حقيقة صراخ المرأة المسنة، ونطقها لكلمة “ساعدونا، نحن نموت في صمت”، حيث أظهرت مقاطع فيديو قصيرة، المرأة تبكي في الشارع أمام كومة من الأنقاض، أمامها مباشرة، يلتقط العديد من المصورين والمصورين المشهد، إذا كانت جملتها الأولى صعبة الترجمة لأنها بالكاد مسموعة، لكنها نطقت بعبارة حنونة، من خلال استخدام كلمة “سيدنا”، وفي الشارع تعلو أصوات الرجال “عاش الملك”.
وعلى خلفية هذه الوقائع، تستعد السيدة مغربية من ضحايا الزلزال لمقاضاة صحيفة ليبيراسيون الفرنسية، بتهمة نشر صورتها دون إذن مسبق و تحريف مضمون صرختها فور حدوث الزلزال.
الصحيفة التي نشرت صورة السيدة و زعمت أنها كانت تصيح” أغيثونا فنحن نموت في صمت” بينما يظهر فيديو ملتقط لنفس السيدة في نفس المكان و الزمان و هي تردد “عاش الملك” أخلت مسؤوليتها عن مضمون ما نشرته، و قالت إن العبارة وصلتها من وكالة الأنباء الفرنسية و وضعها مصور فوتوغرافي يعمل لحسابها اسمه “Fadel Senna”.
خرجت صحيفة ليبيراسيون الفرنسية، بمقال مطول لتدافع عن نفسها في مواجهة حملة ضدها من مغردين مغاربة يتهمونها بالكذب و التضليل،وقالت “هذه الصورة، التي هي اليوم في قلب الجدل، ليست من إنتاج ليبيراسيون، كما هو الحال في أماكن أخرى بالنسبة للأحداث واسعة النطاق”.
وأضافت الصحيفة هذا العمل “هو من عمل مصور وكالة فرانس برس فاضل سينا، مراسل حرب في المغرب، وعلى منصة “منتدى فرانس برس”، حيث تتاح الصور والبرقيات لوسائل الإعلام المشتركة في وكالة فرانس برس، قدم فضل سينا صورا عديدة تظهر تبعات الزلزال، اثنان منهم يظهران هذه السيدة في أحد شوارع مراكش، وفي الصورة الأولى، تخفي عينيها بيدها اليسرى، في لفتة حزن عميق، والثاني يظهرها وهي تصرخ وعينيها مغمضتان. وهذا هو الذي إختارته ليبراسيون”.
وتابعت الصحيفة الفرنسية، “علقت وكالة فرانس برس على هاتين الصورتين بنفس الطريقة: “امرأة تتفاعل مع تدمير منزلها بسبب الزلزال الذي وقع في وسط مدينة مراكش في 9 سبتمبر 2023، زلزال قوي هز المغرب في وقت متأخر من يوم 8 شتنبر أدى إلى مقتل أكثر من 600 شخص، السكان المذعورين دفعوا إلى الفرار من منازلهم في منتصف الليل، ولم يذكر التعليق حقيقة أن المرأة كانت تقول عاش الملك وقت التقاط الصورة”.
وأوضحت ألكسندرا شوارتزبرود، نائبة مدير ليبراسيون، أن اختيار هذه الصفحة الأولى كان يعتمد على مزيج من الصورة والعنوان اللذين كانا مؤثرين قدر الإمكان من أجل الإبلاغ عن المأساة”. مضيفة “كان تحفظ الصحيفة الوحيد هو أنها قامت بالفعل بجولات مكثفة في وسائل الإعلام الأخرى، أما العنوان فهو يحكي واقع الدراما، أما المقترحات الأخرى فقد بدت ضعيفة مقارنة بحجم المأساة، وعندما كان التقرير أمامنا، كانت هذه الجملة القوية هي التي برزت. صحيح أنها ليست هي من تقول ذلك، لكن هذه الصورة تظهرها وهي تبكي”.
وعن حقيقة تطبيق اقتباس على صورة غير مأخوذة من نفس التقرير، أشارت نائب المدير لصحيفة ليبيراسيون “يحدث لنا ذلك، لكن الصحيح أنه من النادر أن نفعل ذلك عندما لا يكون الشخص المعني الصورة تتحدث. وهناك اعتبرنا أن هذه المرأة جسدت كل هؤلاء المغاربة الذين خرجوا إلى الشوارع بسبب الزلزال والذين كانوا يطلبون المساعدة”.
وتأسفت نائبة مدير صحيفة ليبيراسيون الفرنسية عن هذا الخطأ قائلة “لم يبلغنا في أي وقت من الأوقات أن هذه المرأة كانت تقول “عاش الملك”، وكان من الجيد لو أن وكالة فرانس برس أوضحت ما تصرخ به”، وعندما سئلت وكالة فرانس برس، لم تحدد طرق التحرير ومستوى التفاصيل المطلوبة في التسميات التوضيحية.