أبانت السلطات الأمنية المغربية على حنكة كبيرة واحترافية عالية، بعدما تمكنت في أقل من 36 ساعة من فك لغز جريمة اطلاق النار داخل مقهى بمراكش مساء يوم الخميس المنصرم، والتي خلفت مصرع شخص، وإصابة شخصين بجروح متفاوتة الخطورة.
وبالرجوع إلى تفاصيل الحادث، ففي حدود الساعة السابعة وخمسة وأوربعين دقيقة من يوم الخميس المنصرم، قاما مقنعان يركبان دراجة “تيماكس” النار على رجل بأحد مقاهي الحي الشتوي بمنطقة جليز بمراكش، قبل أن يلوذا بالفرار إلى وجهة غير معلومة.
وتوفي الشاب الذي أصيب برأسه، على الفور، وجرح شخصان بشظايا الرصاص، مما خلفا هلعا في صفوف مرتادي المقهى.
بعد ساعتين من وقوع الجريمة “المافيوزية”، عثرت الشرطة على الدراجة التي استخدمها مطلقو النار، والسلاح الناري والعيارات المستخدمة في تنفيذ الجريمة، والتي تم “التخلي عنها بمكان خلاء.
وبعد تنسيق أمني محكم بين “البسيج” و “ديستي” و “بيجيك”، وفي الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة، من توقيف ستة أشخاص بمدينة الدار البيضاء يشتبه في صلتهم بجريمة القتل، تم اقتيادهم بسرية كبيرة إلى مقر الشرطة القضائية بالدار البيضاء لتعميق البحث معهم.
وكانت عناصر المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، في حدود الساعة الواحدة وأربعين دقيقة صباحا من يومه الجمعة، إحدى “الفيلات” بحي عين السبع بالدار البيضاء، واعتقلت 3 أشخاص مشتبه بهم.
وذكر بلاغ للمديرية العامة الأمن الوطني أن عمليات التمشيط الميداني المنجزة مباشرة بعد ارتكاب هذا الفعل الاجرامي، أسفرت عن العثور على الدراجة والسلاح الناري وبعض العيارات المستخدمة في تنفيذ الجريمة، بعدما تم إضرام النار فيها والتخلي عنها بمكان خلاء، ويجري حاليا إخضاعها للخبرات التقنية والباليستيكية اللازمة.
كما مكنت إجراءات البحث، حسب البلاغ، من تشخيص هوية المشتبه فيه الرئيسي الذي حرض وأمر بارتكاب هذه الأفعال الاجرامية، ويتعلق الأمر بشخص مبحوث عنه، ينشط في مجال غسيل الأموال والاتجار الدولي في المخدرات والابتزاز، وتتواصل عمليات البحث لتحديد مكان تواجده بهدف توقيفه.
وبعد أبحاث وتحريات مكثفة للمصلحة الولائیة للشرطة القضائیة بمراكش والفرقة الوطنیة للشرطة القضائیة، بتنسیق مع مصالح المدیریة العامة لمراقبة التراب الوطني، تحت إشراف النیابة العامة المختصة، تمكنت صباح يومه السبت توقیف مواطنین ھولندیین، أحدھما ینحدر من جمھوریة الدومینكان والثاني من جمھوریة سورینام، وذلك للاشتباه في ضلوعھما في التنفیذ المادي لجریمة القتل العمد ومحاولة القتل التي استھدفت ثلاثة ضحایا بمقھى بالحي الشتوي بمراكش.
وذكر بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني، اليوم السبت، أن عملیة التنسیق المنجزة في إطار التعاون الأمني الدولي، أوضحت أن للمشتبه فیھما سوابق قضائیة عدیدة، وارتباط مباشر بقضایا الاتجار الدولي في المخدرات، والاختطاف واحتجاز الرھائن والمطالبة بفدیة مالیة، والسرقة بواسطة السلاح ومحاولة القتل العمد.
كما أكدت التحریات المیدانیة، يضيف البلاغ، بأنھما ولجا المغرب قبل أسبوع تقریبا، وكانا یقطنان بفندقین أحدھما یوجد في مقابل المقھى مسرح الجریمة، وأنھما ر صدا في أربع مناسبات داخل ھذا المحل العمومي وفي محیطه، فضلا على أن أحدھما حاول الفرار عند توقیفه من طرف مصالح الأمن الوطني.
وأضاف المصدر ذاته أن إجراءات عرض المشتبه فیھما على الشھود، بمن فیھم مالك المقھى والنادل وزبونین، سمحت بالتعرف علیھما انطلاقا من مجموعة من العلامات التشخیصیة التي تمیزھما، خصوصا ظفیرة الشعر والھیئة الجسمانیة، كما مكنت التحریات المیدانیة من رصد توقف السیارة التي كانا یؤجرانھا لأكثر من أربع ساعات بالقرب من مكان إضرام النار في الدراجة الناریة والسلاح المستخدم في الجریمة، قبل أن تتحرك من مكانھا بعد ارتكاب الجریمة بوقت وجیز، وھو المعطى الذي أكده شاھد عیان بعدما أوضح أنه رصد المشتبه فیھما بالقرب من مكان إضرام النار في وسائل تنفیذ الجریمة.
أما بخصوص عملیات التفتیش وتحلیل الآثار التكنولوجیة بحاسوب محمول في ملكیة أحد المشتبه فیھما، فقد أشار البلاغ إلى أنها مكنت من رصد اھتمامه بالأسلحة الناریة الفردیة، بحیث قام بعدة أبحاث وتقصی ات في شبكة الأنترنت على نوع محدد من الأسلحة الفردیة، وھو نفسه السلاح المستخدم في ملمترات. ارتكاب جریمة القتل بمدینة مراكش، وھو عبارة عن مسدس من نوع “كلوك” من عیار تسع.
وأضاف المصدر نفسه أن إجراءات التنسیق الأمني الدولي لا زالت متواصلة لتوقیف المحرض الرئیسي على ارتكاب ھذه الجریمة، والذي تبین أنه یشكل موضوع أوامر دولیة بإلقاء القبض صادرة عن المملكة المغربیة لتورطه في الاتجار الدولي في المخدرات، ومبحوث عنه من طرف دولة أوروبیة لضلوعه في جریمة القتل العمد، كما یجري التحقق من تواجده حالیا بجمھوریة الدومینكان، والتي ینحدر منھا أحد المشتبه فیھما الأجنبیین الموقوفین في إطار ھذه القضیة.