حاوره عزوزي بدرالدين
إستطاع المغرب، أن يكون أول دولة إفريقية تطلق عملية التلقيح الجماعي المجاني و بشكل رسمي، وبالتأمل في هذا الإنجاز المغربي الفريد، يظهر الدور المحوري، في هذا الإطار، للملك محمد السادس، وهو ما أكدته بلاغات الديوان الملكي بخصوص تتبع الملك محمد السادس شخصيا لملف الحملة الوطنية للتلقيح و هو ما يبرز دور المؤسسة الملكية الحاسم في هذا الأمر في ظل الطلب الدولي الكبير على اللقاحات و مشاكل تأخر تسليم الدفعات.
لفهم رسائل التدخل الملكي و دور المؤسسة الملكية في توفير اللقاح و بصفة مجانية، كان لنا حوار مع الدكتور أحمد الدرداري، أستاذ العلوم السياسية بجامعة عبد المالك السعدي و رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات وإستشراف السياسات، ليجيب على مجموعة من الأسئلة.
ما هي رسائل إعطاء الملك شخصيا للإنطلاقة الفعلية لحملة التلقيح ضد كورونا؟
إنطلاقًا من مكانة جلالة الملك بصفته الممثل الأسمى للأمة والقائم على شؤون الدولة ورئاسته للسلطة التنفيذية بالإضافة إلى ما يتميز به جلالته كملك إنسان وإهتمامه غير المحدود بالقضايا الإنسانية وطنيًا ودوليًا والتي تهم الفرد الإنسان والمواطن و أيضا الواجب الملقى على عاتق جلالته لحماية الحق في الحياة وفي الصحة …، فقد أعطى جلالته علاقة بجائحة كورونا رسائل عدة كانت الأولى من خلال إهتمامه شخصيًا بتتبع خبر إنتشار الفيروس اللعين منذ أواخر مارس 2020، حيث سارع إلى إتخاذ تدابير إحترازية وأخرى علاجية تجندت كل السلطات لتنفيذها وبذل كل الجهود لمكافحة فيروس كوفيد 19 والذي ما يزال يحصد الأرواح لحد الآن رغم إستمرار التدابير وحالة الطوارئ الشيء الذي فرض على الدول إيجاد تلقيح مخلص من الفيروس ومنقذ لأرواح ملايير البشر، فإنتهت معه مقولة مناعة القطيع و حل محلها منطق التلقيح الإجباري للقطيع كمخرج وحيد من هول الجائحة وما خلفته من خوف وأزمة إقتصادية وإجتماعية، وهو أمر تكلف به جلالة الملك بكل صفاته الدستورية والشخصية.
وبالنسبة لمبادرة إعطاء جلالة الملك شخصيا الإنطلاقة الفعلية لحملة التلقيح ضد فيروس كورونا وجعل العملية مجانية، فهي رسالة متممة للرسالة الأولى لاسيما وأن اغلب المواطنين يحتاجون الى ازالة الخوف بحكم تداول أهمية التلقيح وما يثير من اللغط والخوف من عواقبه والتساؤلات المرتبطة بحياة المواطنين التي تجد سندها في نظرية المؤامرة التي تهيمن على الواقع الدولي، وأيضا تداول أهمية التلقيح بالنسبة للبعض دون البعض الآخر حسب ما يروج في مواقع التواصل الإجتماعي …، لذا جاء حرص جلالة الملك على إعطاء الإنطلاق لحملة التلقيح لإظهار الإهتمام الملكي بالمواطنين والأجانب المقيمين في المغرب أيضا ومن وراء ذلك أبعاد تنموية وصحية وإخراج البلاد من الإنحسار الذي عرفته الوضعية العامة وطنيًا ودوليًا والتي تتوقف على التخلص من الفيروس بدرجة أولى.
بلاغ الديوان الملكي تحدث عن توفر المملكة عن كميات كافية، إلى أي حد كان دور المؤسسة الملكية حاسما في هذا الأمر في ظل الطلب الدولي الكبير على اللقاحات وكل مشاكل تأخر تسليم الدفعات؟
بالعودة إلى بلاغ الديوان الملكي نجده تحدث عن توفر المملكة على كميات كافية من جرعات التلقيح، فهذا يعني أن جلالة الملك بذل كل المجهودات للحصول على اللقاح ولكي يكون للمغرب السبق في توفير اللقاح المناسب والمجاني وبالكمية المطلوبة، وبالتالي التخلص من حالة الأزمة وفتح الحدود وإنعاش الإقتصاد وإعادة الروح لحياة المجتمع، وتحرير الأفراد من الخوف الذي أثر على العلاقات العامة والأسرية والسير العادي لعمل المؤسسات والمرافق وذلك في الوقت الذي ما تزال كثير من الدول لم تحصل على اللقاح وتعاني الإستجابة لطلب الحصول عليه وتعاني التأخر في ذلك مقابل إستمرار العدوى بين المواطنين.
بخصوص القرار الملكي بمجانية التلقيح، ما هي منطلقات القرار خصوصا أن تكلفة إقتناء اللقاحات باهظة ودول أخرى إقليمية تتحدث عن التلقيح مقابل الأداء؟
بالنسبة لمجانية التلقيح فتنطلق من قناعة جلالة الملك من كون التكلفة الصحية باهضة وأن أغلب المواطنين غير قادرين على أداء الثمن مهما كانت قيمته، لاسيما وأن حوالي 20 مليون نسمة إستفادت من صندوق الجائحة في الأشهر الأولى لإنتشار الفيروس اللعين، وقرار المجانية ينطلق من إحساس جلالته بدور الدولة الإجتماعي والتضامني لاسيما في ظل الأزمات والمخاطر وحالة الأزمة التي تعرفها البلاد على غرار سائر بلدان العالم، بالإضافة إلى غياب تعميم التغطية الإجتماعية، إن الوضعية تفرض الخروج من الضغط النفسي والإجتماعي والإقتصادي المستمر و ذلك بإرادة جماعية وتشاركية ملكًا وحكومة وشعبا ومواجهة الفيروس بإجراء تلقيح إجباري وعام لإنقاذ باقي مجالات الحياة من التقهقر والإنحسار والتراجع.