علي تونسي
التنمية المستدامة بين المحفزات و العوائق التمهيد لمقاربة شمولية – مدينة سلا و محيطها – نموذجا ان الكلام عن مدينة سلا و مجموع تراب عمالتها في الوقت الحالي يجعلنا نقف على اسئلة كبرى حارقة، ذلك ان كل المعرفة التي ترتبط بالطابع العام لمدينة سلا و خصوصياتها التاريخية و الثقافية ( المدينة الهادئة بتاريخها العتيق و ساكنتها المتنوعة الثقافات و العلوم و النضال الوطني و اقتصادها القائم على الصناعات التقليدية من خزف و تقش على الخشب و الجبص و نسيج الصوف و الدباغة و نشاط فلاحي قار يتمثل في الغرس و الخضر يسمى بالبحاير…) و التي كانت الى عهد قريب تشكل ملامح مميزة لسلا و ساكنتها قد شهدت تغيرات عميقة و تطورات مطردة و غير منتظمة في شتى القطاعات و المجالات ( الديموغرافية و الاجتماعية و العمرانية و الاقتصادية…) فنظرا لموقعها الجغرافي بين المحيط الاطلسي و نهر ابى رقراق و امتداد مجالها القروي علي السهول و عامر و غابة المعمورة و خصوصا محاداتها للعاصمة الرباط و كونها ممرا رئيسيا يربط شمال المغرب بجنوبه و تعبرها يوميا كل وسائل النقل للاشخاص و البضائع ما بين طنجة شمالا و وجدة شرقا و الدار البيضاء في الوسط و اجادير و العيون و للداخلة و الكويرة جنوبا.
جعل منها مركز جادبية للهجرة القروية و تنامي احياء السكن العشوائي و دور الصفيح و استقطاب نشاط الإنعاش العقاري المتخصص في السكن الاقتصادي مما جعل المدينة تشهد انفجارا دموغرافيا لا يوازيه نموا اقتصاديا زحقيقيا… و نظرا لغياب تصميم مديري عام لمدينة سلا و محيطها و غياب مخططات للتنمية المحلية الشاملة بدون تمييز المناطق و الاحياء (كحوض ابي رقراق و المرينة و الرافق السكنية و التجارية و اترفيهية التابعة لها مثلا) و إقصاء الأحياء الهامشية و اتساع حزام الفقر و أيضا صعوبة ولوج الغالبية العظمى من الساكنة للخدمات الاجتماعية و انعدام الامن جعل المدينة و محيطها تغرق في السكن غير اللائق و البناء العشوائي و دور الصفيح و الفوضى والارتجال و الهشاشة الاجتماعية و الثقافية و طغيان أنشطة اقتصاد غير مهيكل متمثل في ظاهرة الفراشة لمختلف البضائع المعروضة على الرصيف و كراريس الفواكه و الخضر المعرقلة للسير في كثير من الاحيان باستغلالها لمواقف السيارات بجنبات الأرصفة و كثيرا ما تسد منعطفات و طرقات بأكملها في بعض الاحياء ( تحت أعين السلطة و أعوانها و المنتخبين الجماعيين) مع انتشار الامية و البطالة وسط الشباب و النساء و تفشى مظاهر الانحراف و التشرد و الادمان على المخدرات و التسول بجميع انواعه و السرقة والعنف و انعدام الامن وبالتالي فإن تكاثف هذه العوامل أدى في النهاية الى قرونة مدينة سلا و جعل منها بؤرة للمشاكل الاجتماعية و الاقتصادية و الدموغافية و نقطة سوداء من الناحية الامنية و مستقبل يتسم يالغموض و عدم الاطمئنان… لكن مدينة سلا تزخر بإمكانيات حقيقية لتنمية محلية مستدامة كالتالي: المشاريع الكبرى المتمثلة في : _تهيئة حوض أبي رقراق منذ2006 ستمائة هكتار بغلاف مالي يقدر بحوالي 28مليار درهم _تدشين بحيرة المرينة، اربعة هكتارات بقظوة استعابية لاساقبال 240يخت، تطلب بناؤها سبعة اشهر بغلاف مالي يقدر ب190,مليون درهم _ تم إنجاز خطين لترامواي،22كلومتر، يربطان ما بين حي كريمة سلا و مدينى العرفان الرباك عبر خط رقن 1، ثم خط رقن2يصل ما بين محطة الحسن الثاني سلا و مستشفى مولاي يوسف الرباط، و تعد هذه الوسيلة من النقل السريع و النظيف جد فعالة للتخفيف من معيقات النقل التي كانت تعانها فيئات واسعة من ساكنة سلا( موظغون و طلبة على الخصوص _و ينتظر إنجاز خط أهر يمتد الى الكلية بسلا مرورا بحي مولاي إسماعيل _المطار الدولي الرباط سلا الذي يوجد على بعد 5 كلومترات شمال غرب مركز مدينة سلا و بامكانية استعابية لاستقبال ثلاثة ملايين و نصف مليون مسافر في السنة _ترتبط المدينة بطريق سريع 30 كلوتر، جزء مهم من الطريق الوطنية رقم 1، الرابطة بين سلا و القنيطرة _و أيضا طريق سيار مداري مسافته24 كلومتر، يؤدي الى الطريق السيار رقم (A1 ) _هناك شبكةلحافلات النقل الحضري تضم 60 خطا يصل ما بين سلا و الرباط و اتمارة _تتوفر سلا على محطة لحغلات نقل المسافرين (محطة الحسن الثاني) _و تتوفر على محطتين للنقل السككي (سلا المدينة و سلا تابريكت )، في انتظار انجاز محطة القطار السريع TGV ستسمح في أفق 2020 بربط طنجة بالرباط سلا خلال60 دقيقة و يمتد من الرباط سلا الى الدار لبيضاء.
في 30 دقيقة فقط _و سياحيا فأن مدينة سلا بفضل معالمها التاريخية و تراثها الثقافي فهي تستقطب عددا كثيرا من السياح للاقامة بفندقيها( 4 نجوم، 124 سريرا) و رياضاتها لتسبةتصل الى 3 ℅ من مجموع عدد ليالي المبيت بكل من( الرباط سلا الصخيرات اتمارة) _مشاريع كبرى للتعمير و السكن و يبقى السؤال الكبير يتعلق بمدى انعكاس هذه المشاريع على وضغية الساكنة و العمران و التنمية المحلية عموما و مدى مساهمتها في انهاء حالة الفقر و الفوضى التي تتخبط فيها مدينة سلا و محيطها فبرغم مظاهر الفوضىى و الاختلالات الاجتماعية و الاقتصادية تبقى مدينة سلا و محيطها خزانا هائلا للسواعد الشابة و تشكل بعدد سكانها تجمعا سكانيا كبيرا(890403) نسمة حسب الإحصاء الوطني العام للسكان و السكنى 2014) و جغرافيتها المتنوعة بين البحر و النهر و الامتداد الغابوي و القروي، فهي بذلك تتوفر على مؤهلات هائلة لخلق الثروة و تحقيق تنمية مستدامة شاملة فقط لو تظافرت جهود الساكنة (سلطات ومنتخبون و مجمعيات المجتمع المدني) .
باحث سوسيولوجي