الرباط- عماد مجدوبي
لا حديث بجهة الشرق عامة ومدينة وجدة خاصة، إلا عن الضربات المتتالية التي تلقاها رئيس جهة الشرق ” عبدالنبي بعيوي” خلال الأشهر القليلة الماضية، ففي الوقت الذي خرج فيه منتصرا ومزهوا في ملف متابعته بتبدير أموال عمومية، رفقة الرئيس السابق لجماعة وجدة ” عمر حجيرة” ورئيس مجلس عمالة وجدة أنجاد ” لخضر حدوش” وعدة مقاولين موظفين جماعيين، على إثر حصولهم على البراءة بعد 12 من المحاكمة.
و لم تدم فرحة ” بعيوي” طويلا بعد حصوله على البراءة الذي ظل يتبجح بها أمام الجميع وأعتقد الكل أنه شخصية سياسية ومالية قوية بالمنطقة لا يمكن زحزحتها، حتى انفجر ملفا آخر لم يكن في الحسبان، إذ من شأنه أن يعصف بالمستقبل السياسي والمالي لهذا الرجل، الذي ظل يتربع على الساحة السياسية بجهة الشرق عموما ومدينة وجدة على وجه الخصوص لعدة سنوات، بالنظر إلى خطورة هذه القضية والتي استأثرت باهتمام واسع من قبل الرأي العام الوطني وحتى الدولي، وخاصة أن الأمر يتعلق بأكبر تاجر للمخدرات على مستوى القارة السمراء الحاج أحمد ابن إبراهيم الملقب ب ” المالي ” ، والذي وجه اتهامات مباشرة لرئيس جهة الشرق، يتهمه بالسطو على ممتلكاته بطرق غير مشروعة رفقة شخصيات أخرى لا زالت الفرقة الوطنية للضابطة القضائية تشتغل على هذا الموضوع.
إقرأ أيضا: أخنوش يعلن الشروع التدريجي في إلغاء دعم “البوطا”.. ويقول للمغاربة: سعرها الآن 130 درهما
وضع جعل ” عبدالنبي بعيوي” يعيش أوقاتا عصيبة جدا، ولم يكن يتصور أبدا أنه سيقع في هذا المأزق الضيق، بعدما ظل يعتقد أنه الآمر والناهي في الحقل السياسي والمالي بجهة الشرق، وأنه ليس لأي كان أن يزحزح إمبراطوريته العظيمة، قبل أن يتحول إلى شخص غير مرغوب فيه، حتى من بعض مقربيه الذي أصبحوا يتحاشون اللقاء به، بعدما كان لا يكلف نفسه عناء الرد عليهم في الهاتف.
وفي السياق ذاته، ووفق معلومات حصلت عليها “24 ساعة ” من بعض الوجوه السياسية بمدينة وجدة ، أن رئيس جهة الشرق، دخل في عزلة تامة ولم يعد يقوم بأي نشاط سياسي حيث رفع يده على الحزب، وخاصة بعد منعه من السفر وحجز جواز سفره، ومراقبة كل تحركاته، وكذا منعه من حضور أشغال مؤتمر صندوق النقد الدولي المنعقد خلال الآونة الأخيرة بمدينة مراكش بحضور رؤساء الجهات الآخرين.
ولعل ما زاد الطين بلة، وأثر على نفسيته بشكل كبير، بعدما تنكر له رفاقه بحزب الأصالة والمعاصرة، على إثر مطالبة المكتب السياسي بتجميد عضويته، ما يعني أنها رسالة واضحة من التنظيم ل ” عبدالنبي بعيوي” مفادها ” عوم في بحرك” كما يقال باللهجة العامية، وكذا عدم تجاوب بعض المسؤولين السامين مع اتصالاته وعدم الاكتراث له، بعد افتضاح أمره، ولم يقف الأمر عند هذا الحد فحسب، بل أصبحت كل ممتلكاته من ضيعات فلاحية ومشاريع عمرانية، ومنقولات مالية تحت المراقبة التي شملت أيضا شقيقه الذي يشغل مهمة رئيس جماعة قروية وأصهاره وبعض المقربين منه.
مؤشرات توضح بجلاء أن أمبراطورية الوهم التي بناها ” عبدالنبي بعيوي” منذ حوالي عقدين من الزمن، في المجال السياسي والمالي، في طريقها إلى الإنهيار بعد اصطدامها بجدار صلب ومتين لا يمكن اختراقه بأوهام ” كارطونية”.