حاورته: غيثة الرجاء في الله
في إطار مناقشة انتخابات مجلس المستشارين، أجرت جريدة 24 ساعة مع أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، الأستاذ أمين السعيد، حوارا موسعا حول نتائج انتخابات آخر محطة ضمن المسلسل الإنتخابي الذي تشهده المملكة كل 5 سنوات. ليوضح بعد ذلك السبب وراء تكريس انتخابات مجلس المستشارين لهيمنة التحالف الحزبي الثلاثي، مبرزا أهمية إلزامية حضور العنصر النسوي في صناعة القرار العمومي.
– كيف تقرأ سياقات إجراء انتخابات مجلس المستشارين؟
أولا شكرا على الاستضافة، ثانيا تفاعلا مع سؤالكم، انتخابات مجلس المستشارين تأتي في إطار استكمال المسلسل الدستوري الذي انطلق في هذه السنة، فلابد ان نقف اولا عند محطة 8 شتنبر 2021 التي أجريت فيها انتخابات ثلاثية (الجماعية، الجهوية، التشعريعية) وأن مخرجات هاته الانتخابات أعطت الفوز لثلاث أحزاب (التجمع الوطني للأحرار ، الأصالة و المعاصرة، الاستقلال) لذلك فالمشهد الإنتخابي المتعلق بمجلس المستشارين لم يخرج عن نتائج 8 شتنبر نظرا لعدة اعتبارات، أولا: الأحزاب التي حصلت على نتائج مهمة في الانتخابات الجماعية، المقاطعات، الجهات، هي نفسها التي حصلت على نتائج مهمة في مجلس المستشارين، لأن التصويت هو في الأساس تصويت تطابقي، و المواطن حينما يذهب إلى صناديق الاقتراع ويصوت على حزب ما فإنه يزكي ذلك الحزب أيضا داخل مجلس المستشارين، لأنه عمليا الأحزاب التي لها مستشارين في مجالس الجماعات والمقاطعات والجهات، يكون لها حظوظ كبيرة في مجلس المستشارين خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار تركيبة مجلس المستشارين فإن علميا ورياضيا ٪72 من الأصوات تكون شبه محسومة للثلاثي الذي تفوق في انتخابات 8 شتنبر 2021.
– من وجهة نظرك هل كان من المتوقع أن انتخابات مجلس المستشارين ستكرس هيمنة التحالف الحزبي الثلاثي ؟
أكيد، وأريد أن أوضح نقطة مهمة، لأول مرة منذ إقرار دستور 2011 ستتغير التوازنات السياسية على مستوى الغرفة الثانية، لأنه في حكومة بنكيران كانت المعارضة هي التي تهيمن على مجلس المستشارين والأغلبية الحكومية موجودة في مجلس النواب، ونفس الشيء بالنسبة لحكومة سعد الدين العثماني، اليوم تقريبا لأول مرة سنعيش التزام وتطابق على مستوى الأغلبية الموجودة في الحكومة والموجودة في مجلس النواب وكذلك الأغلبية الموجودة في مجلس المستشارين بالإضافة إلى رئاسة الجهات، الشيء الذي سينعكس على العديد من المجالات خاصة المجال التشريعي و الرقابي الذي يختص به البرلمان، لأننا في السنوات الماضية كنا أمام احتكاكات بين مجلس النواب و المستشارين، اليوم سيكون هناك انسجام وتناغم الذي سينعكس على الحكامة البرلمانية وعلى جودة التشريع والسرعة في بث القوانين.
– كما هو متعارف عليه أنه في القلي ما نجد العنصر النسوي حاصل على مقعد في مجلس المستشارين، فمن وجهة نظرك ما هو السبب؟ وهل هناك إرادة سياسية لترشيح النساء من أجل نيل مقاعد بمجلس المستشارين أم لا ؟
قبل الإجابة لابد أن أشير إلى طبيعة التعديلات القانونية التي أدخلت على القانون التنظيمي لمجلس المستشارين والذي يضم بنذ أساسي يتحدث عن إلزامية ترشيح الذكور والإناث، فهذا من الناحية القانونية، لكن على مستوى وكلاء اللوائح، فأغلب الأحزاب السياسية تقدم وكلاء اللوائح ذكور لسبب بسيط، وهو طبيعة النظام الإنتخابي في مجلس المستشارين، لأن الغرفة الثانية تعتبر غرفة صعبة من حيث عملية الإنتخاب، فنحن بصدد انتخابات غير مباشرة ومن الدرجة الثانية وفي هذه الحالة يصعب على المرأة أن تفوز بهذه الانتخابات بسبب النمط المعقد الذي يتوفر على العديد من الإشكالات وتطرح فيه العديد من الشبهات، مثلا في كيفية الحصول على الأصوات، لأنه من الصعب أن يكون هناك التزام حزبي بالتصويت، أو يكون التصويت بناءا على البرنامج الإنتخابي، فمن المعروف أنه الانتخابات الغير مباشرة دائما وزارة الداخلية كانت تعاني منها، وكانت تلغي العديد من المقاعد نظرا لوجود شبهات في الفساد أو الرشوة في العملية الإنتخابية، لذلك الأحزاب السياسية تفضل ترشيح الذكور على مستوى وكلاء اللوائح في الانتخابات المختلفة بمجلس المستشارين أكثر منه في الانتخابات المتعلقة بمجلس النواب أو الجماعة الترابية. لذلك أنا دائما أقر وبشدة أن تكون هناك إلزامية حضور المرأة على مستوى وكلاء اللوائح وليس فقط على المستوى الرتب الثانية أو الثالثة… إلى غير ذلك.
فطبعا لا توجد إرادة سياسية واضحة لدعم النساء في المجالس التمثيلية وخاصة في مجلس المستشارين، خطاب المرأة حاضر وبقوة على مستوى المنتديات و الشعارات والبرامج الحزبية ولكن لم نرى أي ممارسة أو تفعيل، لأن العقلية التي تهيمن على الأحزاب السياسة بكافة تصنيفاتها هي عقلية ذكورية.