أبْدعَ صاحبنا المعلوم، “أبدع” ولم يُمْتِع! تلك عادته، فالطَّبْع يغلب التطَبُّع. وطِباع هذا الرجعي ساقطة في “عبادة الأصنام” بشكل لا يتيح له التحرر من عقدة “إدريس البصري”، كما أن جهله المُركب لا يساعده على الارتقاء الفكري وتطوير كتاباته الرَكيكة والمُنْحَطة من حيث الصَرْف والنحو والتركيب والإنشاء البليغ. ولو تمتع صاحبنا المعلوم بأبسط أبجديات مهنة الصحافة لأدرك بسهولة أن جِنْسَ ما يَكْتُبُه لا وَصْف له إلا ّ”افتتاحية الرذيلة”. وبالتالي ما على صاحبنا أبو الصفرين، الخارج عن التوفيق، إلا التحلي بالشجاعة عوض الجبن وشحذ عقله وقلمه وتبيان قدرته على النقاش المعرفي الجاد.
إن جل ما يكتبه خادم الشعبوية المطبع يتلخص في جملة واحدة “بنكيران أو لا أحد”! وكلما حلّقت أقلامه المسترزقة بعيدا فوق الحقول أسقطها أبو الصفرين وسط أدغال الشعبوية المظلمة. فمن شدة الوله ولوعة الهيام يتغزل صاحبنا المعلوم في جمال “ديمقراطية بنكيران”، في رشاقة قوامها ونعومة بشرتها.
وعند ذكر عيوبها أمامه تنتفخ أوداج الحقد وشرايين الجاهلية وتثور حمية العاشق الولهان دفاعا عن “شرف” معشوقته المغتصبة. يا ليت شعري؛ لِمَ تتحول افتتاحية “أخطار اليوم” إلى رذيلة شاهد زور داخل ردهات محاكم التفتيش الجديدة؟!
بسلاسة الجواب، نسترسل في مسار تفكيك بنية “العقل المتخلف” لصاحبنا المعلوم، الذي فشل في دفع الحجة بالبرهان الصادق فكان هروبه الطبيعي إلى إعادة صياغة قاموس الأموات الذين لم يذكرهم بخير، وكان الإيحاء بابن مدينة سطات، إدريس البصري، رحمة الله عليه. عاد أبو الصفرين إلى الاستعانة بأوهام المؤامرة لكشف “الشبكة البصرية الجديدة” التي تشن حربا ضروسا على “مشروع بنكيران الديمقراطي” وعلى رموزه “الطاهرة” و”أقلامه الشريفة العفيفة” التي وهبت بكارتها الزكية للزعيم المفدى الفاتح بنكيران.
هكذا اسْودّت سماء صحافة الغباء بلونها الظلامي القاتل، هكذا يكون وصف الغرقى في مستنقع العبثية والاسترزاق.
هو أبو الصفرين الذي يضغط على مؤخرة قلمه مقابل كتابة “الشيلة” لإخوان قطر، وهو الذي وقع عقود “الفيلا المعلومة” التي كشفت صفحات من كتاب تاريخ النصب والاحتيال، وأيضا هو الذي يدافع عن الزعيم المفدى بنكيران، ذي التاريخ المفضوح والماضي سئ الذكر في تكفير اليسار وشرعنة سفك دماء عمر بنجلون، أحد مهندسي استراتيجية النضال الديمقراطي في المغرب، وتقديم التقارير السوداء عن نشطاء اليسار داخل الجامعات.
دون أن ننسى “الإبداعات البنكيرانية” في أدب كتابة رسائل الاستعطاف الراغبة في كسب ود ورضا وزير الدولة إدريس البصري إبان فترة ثمانينات وتسعينيات القرن الماضي.
فماذا يعني أن يتحدث “أبو الصفرين”، ومعه أعمدة أخطار اليوم عن “الاستبداد والسلطوية” ونحن نعلم أن الدستور لم يُخرَق عند تعيين رئيس الحكومة الجديد للمرة الثانية من الحزب نفسه المتصدر وأن سعد الدين له تفويض من أعلى جهاز تقريري للحزب، ألا هو المجلس الوطني؟!
وماذا يعني ألا يحترم بنكيران نفسه وبرلمان حزبه وقراراته المساندة للحكومة ويحاول تمويه الرأي العام؟! في حين يكفيه فقط أن يجمع المجلس الوطني برلمان الحزب ويدعوه إلى مساندته من أجل اتخاد قرار الخروج من الحكومة دون كل هذه الجعجعة الإعلامية المفضوحة، ودون هذه الحرب القذرة الاستنزافية للجبهة الداخلية. فعلا، يحق القول في هذه الظاهرة إن فاقد القيم الديمقراطية لا يمكن أن يتحول إلى “محامي الديمقراطية”.
هو إذن أبو الصفرين، خادم الشعبوية، الذي يفر من النقاش العقلاني مثلما َتَفِرُّ البكر ليلة دخلتها! هو الذي يستمر في العيش بعقدة الماضي وربط الأموات بالأحياء ويتماهى مع نصف دماغه الأنثوى ليقارن رجل الدولة إدريس البصري بالشعبوي عبد الإله بنكيران، دون أن تحمرّ وجنتاه من هول الخطأ المعرفي الذي سقط فيه صاحبنا المعلوم. ومن باب الإيحاء التخميني، يجوز تذكير كل محتاج إلى الذكرى المعرفية، نذكر أبو الصفرين الخارج عن التوفيق بأن ابن مدينة سطات إدريس البصري أشرف منك! وأقولها لك فقط لأن “إدريس البصري الإنسان” غائب اليوم ولأن قولها هو واجب أخلاقي لفائدة من غادرنا بل سبقنا إلى الدار الآخرة.
الحياء أولا.