خديجة أمعيوة
قطعا لا يتدخل المشرع عبثا أو اعتباطا أو ترفا لتغيير وتتميم بل ونسخ النصوص القانونية الجاري بها العمل، وإنما لضرورة ملحة كلما أثبتت التجربة العملية أن المنظومة القانونية تعاني من نقص أو يعتريها خلل أو أصبحت متجاوزة بفعل تطور المجتمع. وما أكثر الأوراش التي انخرط فيها المشرع قصد تحقيق التنمية في جميع أبعادها. وتعد وضعية المرأة من المواضيع الحساسة التي شغلته لاسيما في الشق السياسي حيث ثبت بالملموس إقصاء المرأة لعدة عقود من مراكز القرار ومن تقلد المناصب العليا.
والمفارقة العجيبة أن المغرب سبق له منذ زمن غير قصير أنانضم إلى اتفاقية الحقوق السياسية الخاصة بالمرأة المؤرخة في 20 ديسمبر 1952 (19 سبتمبر 1977)،غير أن حضورها في العمل السياسي ظل باهتا ومشاركتها في الحياة العامة دون المستوى المطلوب. وإيمانا منها بأهمية دور المرأة في المجتمع، صادقت بلادنا سنة 1993 على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المعتمدة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18 ديسمبر 1979 (نشرت في الجريدة الرسمية في 18/01/2001)،متعهدة باتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز الذي لحق المرأة في الحياة السياسية والعامة؛ من ذلك كفالة حق التصويت في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة، والأهلية للانتخاب لجميع الهيئات التي ينتخب أعضاؤها بالاقتراع العام، فضلا عن تقلد المناصب العليا، وإن كانت هذه الالتزامات منصوصا عليها ومنذ عهد بعيد في التشريع الوطني.
على الرغم من أهمية انخراط المملكة في منظومة حقوق الإنسان ذات الصلة بوضعية المرأة، فقد كثف المشرع من مجهوداته وضاعف من مبادراته لإخراج المرأة من وضعية التهميش، وأقر حزمة من السياسات والاستراتيجيات في صالح النساء من أجل النهوض بحقوقهن السياسية.
في هذا السياق، يتعين تسجيل بفخر واعتزاز اعتماد المملكة لدستور جديد سنة 2011 يعد بحق بمثابة إعلان للحقوق والحريات، تبوأ فيه موضوع المرأة منزلة رفيعة، إذ تم لأول مرة دسترة مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في مختلف الحقوق والحريات الأساسية وهو ما نص عليه الفصل 19 بقوله: “يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها. تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء”. ولهذه الغاية، نص الدستور على إحداث هيأة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز (القانون رقم 79.14 الصادر في 21/09/2017) بغية ضمان تمثيلية للمرأة في مختلف الهيئات التقريرية والاستشارية. وفي باب الحقوق السياسية، أدرج المشرع الدستوري مستجدا بتنصيصه على أن القانون يتولى سن مقتضيات من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية، كما حمل السلطات العمومية عبء اتخاذ جملة من التدابير والإجراءات الملائمة في سبيل النهوض بمشاركة المواطناتوالمواطنين في الانتخابات (الفصل 11)، وكذا توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد (الفصل 33).
ودائما في مجال تكريس مبدأ المناصفة وتعزيز مقاربة النوع، سبق للمشرع في القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية رقم 29.11 بتاريخ 22 أكتوبر 2011 أن نبه إلى المبادئ الجوهرية الواردة على تنظيم وتسيير الأحزاب السياسية، إذ أكد في المادة 26 على أن يعمل كل حزب سياسي على توسيع وتعميم مشاركة النساء والشباب في التنمية السياسية للبلاد. ومن الإجراءات العملية لبلوغ هذا المبتغى، سعي كل حزب لتخصيص نسبة الثلث لفائدة النساء داخل أجهزته المسيرة وطنيا وجهويا في أفق التحقيق التدريجي لمبدأ المناصفة بين الرجال والنساء.
ومن آخر المبادرات الرامية إلى حضور المرأة في المشهد السياسي، تحفيز المشرع للأحزاب السياسية ترشيح النساء بمن فيهن المقيمات خارج التراب الوطني، وذلك بالرفع من الدعم المالي الممنوح لها. فقد تولى القانون التنظيمي رقم 07.21المغير والمتمم للقانون التنظيمي رقم 29.11 والصادر حديثا (21/04/2021) وضع الشروط للاستفادة من هذا الدعم، وهي شروط تروم تشجيع مختلف الهيئات السياسية على تعزيز تمثيلية المرأة، بوضع النساء على رأس لوائح الترشيح المعنية.
نفس الشيء نلاحظه بخصوص ضمان تمثيلية العنصر النسوي في الغرف المهنية، إذ خضعت مدونة الانتخابات لتغيير جوهري بمقتضى القانون رقم 11.21 الصادر في 23 مارس 2021من خلال نسخ المادة 265 وتعويضها بمقتضيات جديدة تستهدف تخصيص عدد من المقاعد للنساء بالنسبة لكل غرفة فلاحية، يحدد في مقعدين اثنين بالنسبة للغرف التي لا يزيد عدد أعضائها على 30 عضوا مع زيادة مقعد واحد عن كل 10 أعضاء بالنسبة للغرف التي يتجاوز عدد أعضائها 30 عضوا، وتلحق هذه المقاعد بالدوائر الانتخابية التابعة للغرفة التي تضم على التوالي أكبر عدد من الناخبين المسجلين في اللائحة الانتخابية للغرفة المحصورة بعد آخر مراجعة عادية أو استثنائية للوائح المذكورة. ولا يحول ذلك دون حق النساء في الترشح برسم المقاعد الأخرى التي تشتمل عليها الغرفة. تنفيذا لهذا المستجد، حدد قرار لوزير الداخلية مؤرخ في 28 يونيو 2021 الدوائر الانتخابية التابعة للغرف الفلاحية التي ستلحق بها المقاعد المخصصة للنساء.أما بالنسبة لغرف التجارة والصناعة والخدمات وغرف الصناعة التقليدية وغرف الصيد البحري، فيجب ألا تتضمن كل لائحة من لوائح الترشيح ثلاثة أسماء متتابعة لمترشحين من نفس الجنس، باستثناء الحالة التي لا يوجد فيها ناخبون مؤهلون للترشح من أحد الجنسين.
لم يكتف المشرع بهذه المقتضياتالنوعية، على أهميتها، بل تولى اتخاذ تدابير تمييزية لصالح المرأة تعزيزا لحضورها في المشهد السياسي، إن على مستوى المؤسسة التشريعية أو على صعيد مجالس الجماعات الترابية.
أولا: تعزيز تمثيلية المرأة على مستوى المؤسسة التشريعية
في سياق الإجراءات التمييزية التي تم اتخاذها لصالح المرأة تفعيلا لمقتضيات الدستور الجديد، نذكر إحداث دائرة انتخابية وطنية على صعيد تراب المملكة ينتخب في نطاقها 90 عضوا من الأعضاء الـ 395 الذين يتألف منهم مجلس النواب (القانون التنظيمي رقم 27.11 المؤرخ في 14 أكتوبر 2011). واعتبر هذا الإجراء من صميم السلطة التقديرية للمشرع في اختيار نوعية التدابير التشريعية التي يرتضيها سبيلا لبلوغ أهداف مقررة في الدستور، طالما أن ذلك لا يخالف أحكام هذا الأخير، وأن إحداث دائرة انتخابية وطنية يروم تحقيق أهداف خاصة مكملة لتلك التي ترمي إليها الدوائر المحلية والتي تتمثل في النهوض بتمثيلية متوازنة للمواطنات والمواطنين، مما يقتضي سن تدابير تكون، في طبيعتها وشروطها والأثر المتوخى منها، كفيلة بتحقيق الأهداف الدستورية التي منها تستمد أصلا مبرر وجودها، وأن لا تتجاوز في ذلك حدود الضرورة، عملا بمبدأ تطابق القواعد القانونية المتخذة مع الهدف المتوخى منها. وحرص المشرع على تمثيل كافة جهات المملكة في الدائرة الانتخابية الوطنية وعلى إقرار مبدأ التداول على المقاعد المخصصة لها وعلى توسيع التمثيلية السياسية فيها، تماشيا مع ما تقتضيه الضرورة.
علاقة بالشق الخاص بعضوية النساء في مجلس النواب، خصص المشرع ضمن الدائرة الوطنية 60 مقعدا للنساء دون إخضاعهن لحد السن، وهو بذلك يكون قد سن مقتضيات قانونية ترمي إلى تمتيع المترشحات الإناث بأحكام خاصة من شأنها تحقيق غاية دستورية تتمثل في إتاحة فرص حقيقية لهن لتولي الوظائف الانتخابية، تطبيقا لأحكام الفصل 19 من الدستور.
بعد تجربة أولى امتدت لخمس سنوات همت الولاية التشريعية التاسعة (2011-2016)، ارتأى المشرع إدخال تغيير على الفقرة الثانية من المادة 23 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب يتمثل في فتح الجزء الثاني من لائحة الترشيح المتعلقة بالدائرة الانتخابية الوطنية، الخاص بالمترشحين الذين لا يزيد سنهم على أربعين سنة شمسية في تاريخ الاقتراع، للمترشحين من الجنسين معا، بعد أن كان الترشيح ضمن هذا الجزء مقتصرا في السابق على المترشحين الذكور دون الإناث. تم إدخال هذا التغيير بمقتضى القانون التنظيمي رقم 20.16 المؤرخ في 10 أغسطس 2016،واعتبر إجراء إضافيا لدعم تمثيلية النساء بمجلس النواب، إعمالا لما ورد في الفقرة الأولى من الفصل 30 من الدستور من أن القانون ينص على مقتضيات من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية، ويعد خطوة أخرى في النهج الذي يجب أن تسعى الدولة من خلاله إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء، طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 19 من الدستور.
في مسعاه الحثيث لدعم تمثيلية المرأة في الحياة النيابية، تدخل المشرع مرة أخرى لمراجعة منهجية النهوض بدورها، فاستبدل الدائرة الانتخابية الوطنية بدوائر انتخابية جهوية بمقتضى القانون التنظيمي رقم 04.21 وأضحت الغرفة الأولى للبرلمان تتألف من 90 عضوا ينتخبون على صعيد الدوائر الانتخابية الجهوية وفق التوزيع المبين في الجدول المرفق بالقانون التنظيمي حيث أسند لكل جهة من جهات المملكة 12 عددا من المقاعد تتراوح بين 3 و12 مقعدا. وبهدف تعبيد الطريق أمام أكبر عدد من النساء في ولوج قبة البرلمان، أكد المشرع على أنه لا يؤهل للترشح للعضوية في مجلس النواب برسم الدوائر الانتخابية الجهوية كل شخص سبق انتخابه عضوا في المجلس المذكور برسم الدائرة الانتخابية الوطنية القائمة قبل دخول هذا القانون التنظيمي حيز التنفيذ.
وبمقتضى التغيير الجديد، تم اعتماد لائحة ترشيح موحدة على صعيد الجهة دون تقسيمها إلى جزأين كما كان عليه الأمر سابقا بخصوص الدائرة الانتخابية الوطنية. وحرص المشرع أشد الحرص على وجوب أن تشتمل كل لائحة ترشيح مقدمة برسم الدوائر الانتخابية الجهوية على أسماء مترشحات لا يقل عددهن عن ثلثي عدد المقاعد الواجب ملؤها في كل دائرة انتخابية جهوية. في نفس السياق، تقرر تخصيص المرتبتين الأولى والثانية في كل لائحة ترشيح حصريا للنساء، ولا يحول ذلك دون حقهن في الترشح برسم المقاعد المحددة للدوائر الانتخابية المحلية. واشترط المشرع للترشح برسم الدوائر الانتخابية الجهوية التسجيل في اللوائح الانتخابية العامة لإحدى الجماعات الواقعة في النفوذ الترابي للجهة المعنية بالترشيح وذلك بغية ضمان تمثيلية جهوية حقيقية.
ونصت المادة 24 من القانون التنظيمي رقم 28.11 المتعلق بمجلس المستشارين الصادر في 21 نوفمبر 2011 في فقرتها 9 على تدابير تمييزية لفائدة النساء حيث أوجبت تقديم لوائح ترشيح يتناوب فيها الجنسان استلهاما لمضمون الدستور (الفصلان 19و30): “يجب ألا تتضمن كل لائحة من لوائح الترشيح اسمين متتابعين لمترشحين اثنين من نفس الجنس”. ولم يعتبر هذا القيد منافيا لأحكام الدستور، وإنما جاء تطبيقا لها وتعزيزا لمقتضياتها.
صحيح أن إلزام المشرع للأحزاب السياسية والمترشحين عموما بتقديم لوائح الترشيح على الوجه المذكور من شأنه أن يقيد حرية هذه الهيئات والمجموعات في تكوين لوائح ترشيحاتها وترتيب المترشحين فيها بغض النظر عن جنسهم، غير أن هذا الإلزام ينسجم مع الدور المخول للأحزاب السياسية دستوريا باعتبارها أداة لتعزيز انخراط المواطنات والمواطنين في الحياة السياسية والمشاركة في ممارسة السلطة، مما يبرر تقديم لوائح ترشيح تتيح المشاركة المتوازنة والفعلية للجنسين معا في الحياة العامة.
ثانيا: تعزيز تمثيلية المرأة على مستوى مجالس الجماعات الترابية
لم يخل القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية رقم 59.11 الصادر في 21 نوفمبر 2011من مواد ذات طبيعة تمييزية لصالح النساء بهدف التشجيع والرفع من مستوى تمثيلية المرأة في الاستحقاقات على المستويين الجهوي والمحلي. والجدير بالذكر أن هذه المقتضيات عرفت بدورها تحولا مستمرا تبعا لتغير الظروف التي أدت إلى اعتمادها. بداية، نصت المادة 76 على إحداث دائرتين انتخابيتين على صعيد كل عمالة أو إقليم أو عمالة مقاطعات تخصص إحداهما للنساء، على ألا يقل عدد المقاعد المخصصة لهن عن ثلث المقاعد المخصصة للعمالة أو الإقليم أو عمالة المقاطعات المعنية برسم مجلس الجهة، وفق مقتضيات المادة 77 من نفس القانون. على غرار كثير من القوانين التنظيمية، اعتبر المجلس الدستوري (قرار رقم 821.11 بتاريخ 19/11/2011)أنه يعود للمشرع اختيار نوعية الأحكام التي يرتئيها ملائمة لتحسين تمثيلية النساء في مجالس الجماعات الترابية، مع التأكيد على أن تكون هذه التدابير القانونية، التي تمليها دواع مرحلية ومؤقتة ترمي بالأساس إلى الارتقاء بتمثيلية النساء بالمجالس الجهوية، محدودة في الزمن يتوقف العمل بها بمجرد تحقيق الأهداف التي بررت اللجوء إليها.
بعد تجربة أولى، قرر المشرع بمقتضى القانون التنظيمي رقم 34.15 الصادر في 16 يوليو 2015 العدول عن هذا الموقف باستبدال الدائرتين الانتخابيتين بدائرة واحدة تحدث على صعيد النفوذ الترابي لكل عمالة أو إقليم أو عمالة مقاطعات، يخصص للنساء في فيها ثلث المقاعد على الأقل، ولا يحول ذلك دون حقهن في الترشح برسم المقاعد المخصصة للجزء الأول من لائحة الترشيح، كما ورد تفصيلها في المادة 85. عمليا، يجب أن تشتمل كل لائحة ترشيح على جزأين يتضمن الجزء الأول عددا من الأسماء يطابق عدد المقاعد المخصصة لهذا الجزء مع بيان ترتيبهم فيه. ويتضمن الجزء الثاني وجوبا أسماء مترشحات فقط في عدد يطابق عدد المقاعد المخصصة لهذا الجزء مع بيان ترتيبهن فيه. وتعتبر المترشحة الوارد اسمها في المرتبة الأولى بالنسبة للجزء المخصص للنساء بمثابة رأس اللائحة ولها نفس الحقوق المخولة لرأس لائحة الترشيح المعنية. وانعكس التعديل الجديد على طريقة فرز الأصوات وإعلان النتائج وتوزيع المقاعد (المادة 92).
وحدد المرسوم المتخذ باقتراح من وزير الداخلية بتاريخ 2 يوليو 2021 عدد الأعضاء الواجب انتخابهم في مجلس كل جهة وتوزيع عدد المقاعد على العمالات والأقاليم وعمالات المقاطعات المكونة لكل جهة مع بيان عدد المقاعد المخصصة للنساء في كل عمالة أو إقليم أو عمالة مقاطعات.
وللمشرع أن يلجأ إلى أي وسيلة مباشرة أو غير مباشرة تفضي إلى تحسين المشاركة السياسية للنساء مستلهما ومستحضرا في ذلك نص وروح الدستور. وفي هذا السياق، أدخلت العديد من التغييرات على الأحكام الخاصة بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات والمقاطعات، مع إضافة المادة 128 المكررة التي نصت على أنه يخصص للنساء عدد من المقاعد في كل جماعة أو مقاطعة ولا يحول ذلك دون حقهن في الترشح برسم المقاعد الأخرى. وفصلت ذات المادة عدد المقاعد المخصصة للنساء.
بمقتضى القانون التنظيمي رقم 06.21 بتاريخ 21 أبريل 2021 تم نسخ المادة 128 المكررة وتعويضها بأحكام جديدة مفادها أن يحدد عدد المقاعد المخصصة للنساء على النحو التالي:
1- بالنسبة لمجالس الجماعات التي ينتخب أعضاؤها بالاقتراع الفردي: خمسة (5) مقاعد في مجلس كل جماعة. وتلحق هذه المقاعد الخمسة بالدوائر الانتخابية الجماعية التي تضم على التوالي أكبر عدد من الناخبين المسجلين في اللائحة الانتخابية للجماعة المحصورة برسم آخر مراجعة للوائح المذكورة، حددها قرار لوزير الداخلية الصادر بتاريخ 2 أغسطس 2021. وتتمتع المترشحات المعلن عن انتخابهن برسم المقاعد الملحقة بكامل العضوية في المجالس المعنية.
2- بالنسبة لمجالس الجماعات التي ينتخب أعضاؤها عن طريق الاقتراع باللائحة وغير المقسمة إلى مقاطعات: ثلث المقاعد الواجب شغلها على صعيد مجلس الجماعة مع رفع العدد عند الاقتضاء إلى العدد الصحيح الأعلى؛
3- بالنسبة لمجالس الجماعات المقسمة إلى مقاطعات: ثلث المقاعد الواجب شغلها على صعيد مجلس الجماعة برسم كل مقاطعة مع رفع العدد عند الاقتضاء إلى العدد الصحيح الأعلى، شريطة ألا يقل هذا العدد برسم كل مقاطعة عن ثلاثة مقاعد، وثلث المقاعد الواجب شغلها في كل مجلس مقاطعة مع رفع العدد عند الاقتضاء إلى العدد الصحيح الأعلى.
من جهتها، نصت القوانين التنظيمية الجديدة الخاصة بالجهات (رقم 111.14)والعمالات والأقاليم (رقم 112.14)والجماعات (رقم 113.14)الصادرة كلها بتاريخ 7 يوليو 2015 على مقتضيات مماثلة ترمي إلى إيلاء المرأة المكانة التي تستحقها ضمن الهيئات التمثيلية. وفي هذا الإطار، نسوق نموذج التنظيم الجهوي الجديد حيث نصت المادة 19 في فقرتها 6 بصريح العبارة في معرض حديثها عن جلسة انتخاب نواب رئيس مجلس الجهة على ما يلي: “سعيا نحو بلوغ المناصفة المنصوص عليها في الفصل 19 من الدستور يتعين العمل على أن تتضمن كل لائحة ترشيحات نواب الرئيس عددا من المترشحات لا يقل عن ثلث النواب”. ونفس القول يصدق على ترأس لجان المجلس الدائمة حيث يجب أن يراعى في الترشح لها السعي إلى بلوغ مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء (المادة 29). وفي باب الاختصاصات الذاتية التي تمارسها الجهة، نجد التنمية الجهوية حيث يضع مجلس الجهة تحت إشراف الرئيس خلال السنة الأولى من انتداب المجلس برنامج التنمية الجهوية والذي يجب أن يتضمن تشخيصا لحاجيات وإمكانيات الجهة وتحديدا لأولوياتها وتقييما لمواردها ونفقاتها التقديرية الخاصة بالسنوات الثلاث الأولى مع الأخذ بعين الاعتبار مقاربة النوع (المادة 83). ولتفعيل الآليات التشاركية للحوار والتشاور، تحدث لدى مجلس الجهة ثلاث هيئات استشارية منها هيئة بشراكة مع فعاليات المجتمع المدني تختص بدراسة القضايا الجهوية المتعلقة بأجرأة مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع (المادة 117). أخيرا، توقف النظام المالي للجهة عند نفقات ميزانية هذه الوحدة الترابية التي تقدم داخل أبواب وتقسم إلى فصول تشتمل على برامج ومشاريع تأخذ في الحسبان معيار النوع (المادة 171).
ختاما، يمكن القول إنه لتدارك القصور الذي تعرفه سواء النصوص القانونية أو الممارسة العملية، ورغبة في مناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة، بهدف تحقيق المساواة بين الجنسين في جميع مناحي الحياةوتفعيل مبدأ المناصفة، لاسيما في المجال السياسي،يواصل المشرع مساره التحفيزي ويكثف من جهوده بغية النهوض بوضعية المرأة. وستكون الانتخابات العامة التشريعية والانتخابات العامة الجماعية والجهوية المقررة ليوم 8 سبتمبر 2021 مناسبة سانحة لوضع هذه التعديلات موضع التنفيذ سعيا لتعزيز البناء الديمقراطي ببلادنا.
أستاذة مؤهلة بكلية الحقوق بوجدة