إن الحديث عن ضرورة تجدد الرقم السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي ضمن المعادلة الوطنية يجسد استنتاجا مستخلصا عند كل مهتم ومتتبع لمسار الحياة السياسية المغربية المعاصرة. هذا المسار العام الذي تميز لعقود ببروزمشروع الحركة الاتحادية الذي أسس لحلم نخبة من القوات الشعبية باتحاد وطنيهدفه ترسيخ برنامج حزبي قادر على استكمال التحرير الترابي، السياسي، الثقافي، الاجتماعي والاقتصادي لأجيال ما بعد الحماية المستعمرة.
كانت الفكرة السياسية للإتحادفكرة حزبية مغربية حديثة أنعشت آمال فئات عريضة من الشبيبة المغربية، وجمعت شمل أنتلجنسيا معرفية قوية.
ثم استطاع التنظيم الاتحادي بعد مسلسل شاق منتغيير منحنى دالة المعادلة السياسية بالمغرب وفتح صفحة جديدة من النضال السياسي حول سؤال الديمقراطية وكذلك من التوافق حول ثوابت المصلحة الوطنية.إن الاتحاد كنهج سياسي يظل رغبة حية عند العديد من فئات المجتمع المغربي، لذلك يجب أن يظل طموح النخبالشابةقويا لإحقاق مشروعالتجدد الاتحادي الحداثي. إنه تحيين لحاجة مجتمعية لازالت قائمة رغم بشاعة أخطاء الانتحار السياسي المتكررة للقيادة الحالية. فكيف يستيقظ الاتحاد من كابوس الإفلاسالسياسيليجدد رقمه السياسي ضمن المعادلةالوطنية؟
ذاك سؤال البداية الذي ينطلق جوابه من اقتناع القيادة الحالية، الواعية بطبيعة الزمن السياسي الراهن، والتي ترغب في إنهاء مشوارها السياسي بحكمة وتبصردون المساهمة في الوأد المتعمد للمشروع السياسي الاتحادي .
إنه فعلا زمن اقتناع الكاتب الأول إدريس لشكربجدوى” الانسحاب الاختياري” كقيمة أخلاقية مضافة قد تشكل أساسا متينا للسعي الصادق لتدارك الزمن الضائع وتدشين تحول حزبي متدرج بالعمل التضامني لإنجاح محطة المؤتمر الاستثنائي من خلال التحضير الديمقراطي التشاركي ، فضمان تجدد التنظيم يفرض علينا الوعي بإلزامية التحول من هوس القواعد المحروسة إلى ثقافة الفضاء المشترك المحتضن لقيم التعايش والتبادل والإبداع، كما أن تجدد الفكرة الاتحادية يفرض القطيعة معمشروع الإنبعاث الفاشل الذي قاده الكاتب الأول ادريس لشكر والتطور وفق مشروع التجدد الاتحادي الحداثي نحو إفراز البرنامج الحزبي الجديد.
هذه محاور أساسية لمشروع التجدد الاتحادي الحداثي، فعلى أساس “الانسحاب الاختياري” للقيادة الحالية يتحول المكون البشري الاتحادي من صراع الانتحار الجماعي و نزيفالطاقات الحزبية إلى الانتعاش الفكري و تضامن الجهود من أجل تدبير الأهداف والطموحات وفق استراتيجية النضال الحداثي الدستوري المتضامن الجديدة، والتي تستلزم تقدما ملموسا في تسمية التنظيم نحو “اتحاد حداثي للقوات الشعبية” كعنوان بارز لصدقية التجدد الاتحادي وسعة بيته التنظيمي الجديد، الذي وجب أن يرتقي إلى مستوى ثقافة سياسية منفتحة على الآخر ولا تدعى امتلاك الحقيقة السياسية المطلقة.
إنها الضمانة المُطَمْئِنَة من تحول التنظيم إلى فضاء مرن ذا بعد تجميعي يجعل من الانتساب السياسي إليه، انتماءا طوعيا وانخراطا تطوعيا في صلب التجدد الحداثي للمشروع الاتحادي الذي لم يعد عرضهالسياسي المُسْتَهْلَك قادراً على تقديم إجابات عميقة عن أسئلة المجتمع المغربي الحارقة.
إن آليات التحليل الاشتراكي المتقادمة ووسائل بنائه الدياليكتيكية المادية لم تستطع الصمود أمام غزوات حركات التدين السياسي التي عَشْعَشَتْ في اليومي المجتمعي المُعَاش بتأويلات شتى أعلنت أفول طرح الانبعاث الذي بَشَّرَت به القيادة الحالية الفاشلة. فمشروع إدريس لشكر السياسي لم يساعد البتة على ضمان التوازن المستقربين هوية الاتحاد و موقعه ضمن المشهد السياسي المغربي ،في حين يدفعنامشروع التجدد الاتحادي الحداثي لنهج سياسة التفاعل الثقافي الحرالقادر على تنمية الشخصية الاتحادية مع ضمان ارتقائها فوق عقدة الاحساس بالدونية أمام هذا التحالف الحكومي الهجين و الهوسباسترزاق الوزاراتو خيانة المرجعية الحداثية للحزب.
إن القيمة المضافة لهذا الانفتاح المثمر على أبعاد مشروع “التجدد الاتحادي الحداثي” هي التأسيس للبرنامج الحزبي الجديد ،وذلك بضبط المتغيرات الذاتية مع التوابث الموضوعية وفق تجدد فكري يفتح أفاق جديدة باعتماد استراتيجية النضال الحداثي الدستوري المتضامن، إنه الإبداع الاتحادي الذي وجب تطويره لمسايرة زمن الثورة الصناعية الرابعة القريبة.
رئيس تيار ” أولاد الشعب “