الرباط-متابعة
تشهد الساحة التعليمية بالمغرب منذ أشهر أزمة حادة بين وزارة التعليم العالي وطلبة كليات الطب والصيدلة، تتعلق أساسا بتقليص مدة الدراسة من سبع إلى ست سنوات، وتداعيات هذا القرار على مسار التكوين الطبي والصيدلي.
وقد بلغت الأزمة ذروتها مع المقاطعة الواسعة النطاق للامتحانات، والتي أفرزت صراعا حادا حول الأرقام والإحصائيات المتعلقة بنسبة المقاطعة.
خلاف الأرقام
يشكل التباين الكبير بين الأرقام التي تقدمها وزارة التعليم العالي وبين تلك التي يقدمها الطلبة والبرلمانيون حول نسبة المقاطعة نقطة خلاف جوهرية في الأزمة. ففي حين يؤكد الوزير أن نسبة المقاطعة لا تتعدى 40%، فإن الطلبة والبرلمانيون يؤكدون أنها تتجاوز 90% في أغلب الكليات.
ويطرح التباين في الأرقام تساؤلات جدية حول مدى مصداقية كل من الطرفين. فهل الوزارة تمارس سياسة التضليل لتقليل حجم الأزمة؟ أم أن الطلبة يبالغون في تقدير نسبة المقاطعة لتحقيق مكاسب أكبر؟
تداعيات سياسية واجتماعية
تتجاوز تداعيات أزمة الإطار التعليمي الضيق لتشمل جوانب سياسية واجتماعية واسعة. فمن الناحية السياسية، فإن الأزمة تكشف عن عمق الخلاف بين الحكومة والطلبة، وتضع على المحك مصداقية الوزارة في التعامل مع القضايا الطلابية. كما أنها تثير تساؤلات حول مدى استعداد الحكومة للتنازل عن قراراتها حتى وإن كانت تتعارض مع مصالح الطلبة.
أما على المستوى الاجتماعي، فإن الأزمة تؤثر بشكل مباشر على مستقبل 25 ألف طالب وطالبة، وتعرقل مسارهم الدراسي والمهني.
الطلبة يتشبثون بالمقاطعة
أكدت مصادر من داخل اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان أن نسبة المقاطعة المرتفعة تعكس الإصرار الكبير للطلبة على تحقيق مطالبهم المشروعة.
وأشارت المصادر إلى أن الطلاب قاطعوا جميع المحطات الامتحانية المبرمجة، رغم محاولات الوزارة لإقناعهم بالعودة إلى الدراسة.
وتتمسك اللجنة الوطنية لطلبة الطب بمطالبها الأساسية، والتي تتمثل في بتمديد مدة التكوين إلى سبع سنوات، بدلاً من ست سنوات كما تقترح الوزارة. كما يطالب الطلاب بإعادة زملائهم الذين تم توقيفهم خلال الحركة الاحتجاجية.
ومن بين مطالب الطلاب أيضا إعادة فتح مكاتب الطلبة التي تم إغلاقها، وضمان ظروف عودة جيدة: يطالب الطلاب بضمان عودة آمنة وسلسة إلى مقاعد الدراسة.
الإضراب الأطول
وكشفت اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان أن إضرابهم الأطول في تاريخ التعليم العالي بالمغرب، متجاوزًا 300 يوم. كما دعت اللجنة وسيط المملكة إلى التدخل لحل الأزمة، مؤكدة على ضرورة الاستجابة لمطالب الطلاب التي يرونها ”مشروعة.”
أزمة طلبة الطب بالمغرب هي أكثر من مجرد صراع حول عدد السنوات الدراسية. فهي تعكس أزمة عميقة في النظام التعليمي المغربي، وتطرح تساؤلات جوهرية حول مدى قدرة الحكومة الحالية على امتصاص الأزمات.