أسامة بلفقير – الرباط
طرح تقرير النيابة العامة برسم سنة 2019، قضية لازالت مطروحة على طريقة الاستقلال الكامل للمؤسسة القضائية والمرتبطة بالاستقلال المالي للنيابة العامة. فوفق التقرير، “لا يوفر القانون 33.17 سوى الاستقلال المالي لرئاسة النيابة العامة في مقرها المركزي، دون مصالحها الخارجية المتواجدة في مختلف محاكم المملكة، والتي تظل تابعة للسلطة الحكومية المكلفة بالعدل”.
ويوضح التقرير أنه بالنظر لعدم وجود أي تنظيم يحدد كيفيات التنسيق بين رئاسة النيابة العامة باعتبارها الجهة المشرعة على عمل النيابات العامة والمسؤولة عنها، وبين الوزارة المكلفة بالعدل باعتبارها الجهة المشرفة على الميزانية المخصصة للنيابة العامة بمحاكمة المملكة، وبل وفي غياب هيأة مشتركة للتنسيق بين المؤسستين، فإن تنفيذ برامج العمل الي تضعها رئاسة النيابة العامة، يصبح أمرا متعذرا، بل إنه يكاد مستحيلا في بعض الأحوال”.
ويتجلى هذا الأمر، وفق التقارير، في عدة أمور من بينها “عدم تحكم السلطات الرئاسية للنيابة العامة في الميزانية، يحول دون وضع أو تطوير البرامج المعلوماتية، الضرورية لتتبع القضايا المسجلة بالنيابات العامة، وبالتالي يؤدي إلى عدم إمكانية الإشراف على عمل قضاة النيابة العامة، وعدم إمكانية تقييمه، واستحالة التدخل في الوقت المناسب للتأطير والتوجيه وفقا للقانون. وبالإضافة إلى إضرار هذه الوضعية بالمصلحة القضائية، فإنها ترتب مسؤولية رئاسة النيابة العامة على أمور لا تتحكم فيها، ولا تمتلك الآليات اللازمة لإنجازها وتنفيذها”.
ويؤكد التقرير أنه “رغم أن مصالح وزارة العدل قد وافقت خلال هذه السنة على السماج لرئاسة النيابة العامة بالاطلاع على برمجية ساج التي تستخدمها بعض المحاكم، فإن قرصة الإطلاع لا تشمل كافة النيابات العامة، ولا توفر الإطلاع الفوري على المهام. فضلا عن محدودية الخدمات التي تقدمها هذه البرمجية. وعدم الاستجابة للطلبات المتكررة لتطويرها وتعديلها”.
ومن بين الأمثلة، فإن تتبع ومراقبة قضايا المعتقلين الاحتياطيين عبر برمجية مستقلة يعد أمرا متعذرا للغاية، اعتبارا لأن مصالح كتابة النيابة العامة تكون مضطرة لتسجيل القضايا في عدة سجلات، مما يؤدي إلى تكرار التسجيل (السجل الورقي والسجل العام الإلكتروني ساج ثم السجل الإلكتروني الخاص بالاعتقال الاحتياطي).
كما أن البرمجيات الموجودة، لا توفر إمكانية الحصول على الإحصائيات اللازمة لعمل رئاسة النيابة العامة. وعلى سبيل الإشارة، فإن الإحصائيات التي يتم إدراجها في هذا التقرير تعتمد على مراسلات موجهة إلى النيابة العامة المختلة، التي تنجزها بطريقة يدوية لا تتوفر فيها الدقة اللازمة. ولا يمكن لرئاسة النيابة العامة القيام بأي إجراء لتحسين هذه الوضعية لعدم سيطرتها على البرمجيات التي تستخدمها النيابات العامة. وكذلك لأن الاعتماد المالية لذلك تكون مدرجة في الميزانية الخاصة بالوزارة المكلفة بالعدل. وشدد التقرير إلى أن “عدم إمكانية وضع برمجيات خاصة بالنيابات العامة بصفة مستقلة، وتعديلها والتحكم فيها من قبل رئاستها، هو مؤشر دال على محدودية استقلال النيابة العامة”.