قد يعتقد البعض ان الاجراءات الزجرية قد تحد من الحريات، بل ويعتقد البعض ان اعلان حالة الطواريء فيها مساس بالحقوق والحريات ، لكن لما يبرز خطر عام واستثنائي يتهدد وجود الأمة متمثل في وباء فتاك اعتبر عدوا مشتركا لكافة الدول، تضطر الدولة الى اتخاذ جميع التدابير والاجراءات من اجل التأهب وحماية الساكنة واحتواء الوباء والحد من انتشاره ، المغرب منذ بداية انتشار الوباء اتخذ إجراءات مشددة لحماية مواطنيه اذ اغلق المعابر والحدود علما ان منظومة حمايته الاجتماعية اقل عشر مرات من متوسط الاتحاد الوروبي ، وان ناتجة الداخلي الخام يعتمد على السياحة بنسبة 7 في المائة ، كل ذلك إيمانا منه بان سلامة الوطن من سلامة المواطنين والحرص على تجنبهم آفات الوباء ، لذلك وفي الوقت الذي سادت فيه مبادئ التضامن والتلاحم والتآزر ملكا وحكومة وشعبا في حرب ضد الوباء ، عمد بعض منعدمي الضمير الى تنظيم مظاهرات وتجمهرات بدون ترخيص بمدن فاس و تطوان وطنجة اشرف وحرض عليها من يصطادون في الماء العكر ، ضدا وفي خرق سافر ومتعمد لقرار السلطات العمومية الآمر بفرض حالة الطوارئ الصحية في البلاد تفاديا لانتشار الوباء ، الشيء الذي ينتج عنه انتشار العدوى بين الناس بسبب الازدحام والتصاق البعض بالبعض وتكون االاصابة والوفاة هي النتيجة الحتمية لهذه الممارسات الإجرامية للامسؤولة ، ناهيك عن نشر الفزع والرعب وإعلان العصيان وعرقلة تنفيذ الأوامر والقرارات الصادرة عن السلطة ،لذلك يمكن تعريفها بمفهوم القانون الدولي انها جرائم ضد الانسانية يرتكبها أفراد من دولة ضد أفراد اخرين من دولتهم بشكل ممنهج وخطة محكمة بقصد الإضرار بالطرف الاخر الذي يختلف معهم من حيث الانتماء الفكري او الديني او العرقي او اي سبب اخر ! الشيء الذي نستنتج معه ان فصول المتابعة سواء تعلق الامر بجرائم العصيان او التحريض عليه ، او التظاهر بدون ترخيص او تكوين عصابة اجرامية للمس وتخريب الصحة العمومية ، او محاولة القتل ، او عرقلة تنفيذ اشغال امرت بها السلطة ، لا تتلاءم مهما تشديدها للعقاب مع ما قام به هؤلاء من تصرفات لا إنسانية مؤذية للبشرية تجعلهم مجردين ليس فقط من حس وطني بل من حس إنساني ينم عن كراهية مرضية لبني جلدتهم ، كراهية لا يسلم منها الرضع والكهول والشيوخ في ضرب صارخ لابسط القيم الانسانية المتعارف عليها في الكتب السماوية والنواميس والعقائد والتي تحث على الرحمة والتعاطف وحب الانسان لاخيه الانسان وتنهى عن قتل النفس البشرية وتعريضها للهلاك .
ليعلم الكل ، ان فقدان جزء من حريتنا ونحن معتكفين في بيوتنا يجعلنا نعيد النظر في اختلافاتنا وخلافاتنا بالتنازل والحد منها ، للتركيز فقط على تكوين جسم واحد وارادة واحدة تتمثل في مواجهة الوباء والخروج من المرحلة الصعبة بأقل ضرر لما فيه مصلحة الفرد والعائلة والأمة ، من جهة والاستعداد لمواجهة التداعيات الاقتصادية بقوة وثبات من جهة اخرى ، ولعل تواجد الأطباء والمصالح الصحية ورجال الامن والقوات المسلحة ورجال الدرك ورجال السلطة واعوان السلطة كل من موقعه في الواجهة من اجل العمل ليل نهار قصد احتواء الوباء والحد منه تحت توجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي أعلنت حتى الدول الأجنبية انه الملك المحب لبلده ومواطنيه تبعا للإجراءات الاحترازية والاستباقية التي أعلن عن اتخاذها كغلق الأجواء والمعابر وشل حركة النقل والاستقبال ، يجعلنا نرفع القبعة وننحني احتراما وتقديرا لرئيس دولتنا و لمختلف السلطات العمومية المجندة من اجل حمايتنا ، الم يتم الترديد في جميع المناسبات ان الحق في الحياة هو أسمى حق من حقوق الانسان ؟
لذلك فليراجع منعدمو الضمير مواقفهم ، اذ في الوقت الذي أبانوا فيه عن كراهيتهم للشعب المغربي ولعائلاتهم ولأنفسهم سواء عن وعي او عن تلقين او عن اقتناعهم بقوة ظلامية عدمية ، أبان الشعب المغربي بكل مكوناته عن التضامن والانضباط وعبر عن أسمى أساليب التآزر والمساعدة والإيثار ، بل ان انتشار الوباء جعل الكثيرين يزدادون فخرا بوطنهم و بمسؤوليهم ، وفي الختام لنجعل من هذه الأزمة لكون الازمات تلد الهمم ، مناسبة للمصالحة والتصالح مع الذات ومع بعضنا البعض من اجل مغرب قوي بابنائه لا تزعزعه كراهية العدميين والظلاميين المختبئين احيانا وراء الدين وعابثين بقدسية الوطن بغية إنفاذ كراهيتهم بمختلف الطرق متناسين قيم الاسلام والشريعة الاسلامية السمحاء التي تنهى عن قتل النفس وتعريض الأمة للهلاك ، ولعل واقعة التحريض على التجمهر والعصيان خلال زمن المحنة أسقطت ما تبقى من الاقنعة التي كانت يختفي وراءها بعض من يعرفون أنفسهم ويعرفهم الشعب المغربي .
محامية – برلمانية سابقة